قال: قال سحنون لمالك - رضي الله تعالى عنهما -: أتكون دماؤهم وأموالهم هدرا؟ قال:

نعم. قال ابن القاسم: وإن كان فيهم ركن من أركان الاسلام / مثل الذين يصلّون ويصومون شهر رمضان ويقولون لا إلاه إلاّ الله، محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال مالك - رحمه الله تعالى -: لو كانوا مسلمين ما ضرّوا باخوانهم المسلمين، وإن الجهاد فيهم فريضة، وقال مالك أيضا: جهادهم أحبّ إليّ من جهاد الرّوم، قال سحنون بن سعيد: مالهم سائغ حلال لمن أخذه كان بالوجفة (?) أو بغير الوجفة أو بسبب من الأسباب، صح من الأحكام، نقله ابن يونس من المدوّنة، ونقل عن الرّصاع مثل ذلك، وفي ابن ناجي تحريم مبايعتهم السّلاح حتى الأخفاف والرواحي.

وكان المولى أبو عمرو عثمان الحفصي أجلاهم عن الوطن، وحددّ لهم السّكنى من وادران إلى القبلة لا يتعدونه (?).

ثم إن أحمد الحفصي اتخّذ عسكرا من السّود لما كان يتوقّع من تملّك البلاد لقوم لغتهم العربية، فاتخذ لذلك الجيش السّوداني، ورفع منزلتهم رجاء أن يكونوا أولائك المرموز إليهم - حسبما وقع عليه في الأجفار أو أخبره به منجّموه - وكان له اهتمام بهذا الفن ودار على آذانه كثيرا أن الحكم ينتقل عنهم إلى رجل اسمه علي من غير جنس العرب، ويكون انقراض ملكهم على يديه، فأقام مملوكا من أعلاجه سمّاه عليا، وأجلسه مجلسه، وفوّض له الأمر (?)، ويأبي الله أن يكون إلاّ ما أراده وقدره ولا ينفع حذر مع قدر.

هذا وإن النّصارى / الذين تخلفوا من نجدة الحسن - المتقدم الذكر - في غاية الاهتمام والإعتناء بانشاء الحصارات التي بحلق الوادي واحداث ما لم يسبق لحدوثه من قبل، وضايقوا الحضرة غاية الضّيق إلى أن صاروا يرمون الصّوف والجير على أهل تونس فإن أتوا به فذلك مرادهم، وإلاّ أغاروا عليهم برّا وبحرا وبارت (?) الحيلة في مدافعتهم فمن أعظم بناءاتهم حصار حلق الوادي والبرج المقارب له، والثّالث البستيون خارج باب البحر، أما الحصار فهو بناء عظيم كالمدينة مربّع، وعلى أركانه (?) الأربع أربعة ابراج في غاية الضخامة على كل ركن برج، والبحر من جنوبيها والبحيرة من الغرب، وحفروا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015