الباب الثالث
في ذكر دولة بني نصر بالأندلس
قد تقدّم أن من جملة ملوك طوائف الأندلس بعد بني أميّة بنو هود، فلمّا انقضت دولة الملثّمين والموحّدين، واضطرب أمر الأندلس، وضعفت قوتها، وتشاغل بفتن العدوة الغربية أمراؤها ببلد أرجونة، وتكالب عليها النّصارى، وضاق أمر من بها من المسلمين، وكان أمير الوقت محمد بن يوسف آخر بني هود الباقين من ملوك الطّوائف تحت حكم الموحّدين، ثم أنه ملك مرسية، وملك منها الأندلس، وقام بدعوة العباسيين، فاضطربت عليه البلاد، واختلفت الآراء، وعجز عن ضبطها لقلة المساعد، فظهر عند ذلك / ملك بني نصر (?) وأوّل ملوكهم محمّد بن يوسف بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن خميس بن نصر بن قيس الأنصارى الخزرجي بن ولد سعد بن عبادة - رضي الله تعالى عنه - سيّد أنصار رسول الله صلّى الله عليه وسلم استقرّ سلفه عند الفتح الأول بقرية من قرى المشرق، وتعرف بقرية الخزرج، فدعا محمّد لنفسه ببلد أرجونة عام تسعة وعشرين وستمائة (?)، فساعده السّعد، قال ابن الخطيب - رحمه الله تعالى -.
[رجز]
وبان في الأندلس الفساد ... وانتشرت من ضعفها البلاد
وأخذت أمانها النّصارى ... فأصبح الناس بها سكارى
تراهم من هولها حيارى ... قد أشغل الرّوع بها الأفكارا
وانبهم الأمر على ابن هود ... ولم يوافق طالع السعود
فحيثما وجّه جيشا هزما ... وحيثما قدّم حكما حكما
فجدّد الله رسوم الملّة ... في قطرنا بالأمراء الجلة
العظماء سادة الأعلام ... أبناء نصر ناصري الاسلام