ووصل الشّيخ أبو علي لأخيه الشّيخ أبي سعيد بتونس فزجره وهجره ولم يزل غاضبا (?) عليه مدّة من الدّهر، واستبدّ ابن عبد الكريم بحصن المهديّة وتسمى من الأسماء السلطانية «بالمتوكل على الله» وكانت الكتب تنفذ عنه بذلك وقوي أمره، ووصل إلى تونس والسيد أبو زيد بن أبي حفص بن عبد المؤمن واليا عليها، فعزم ابن عبد الكريم على محاصرته فحشد جموعه ووصل إلى تونس في شهر المحرم سنة ست وتسعين (?)، وكان الشّيخ أبو سعيد اذ ذاك معزولا فدار ابن عبد الكريم بعسكره إلى قرطاجنة فضرب أخبيته وخيامه عند مدخل البحر (?) وهو حلق الوادي، فأمر السيّد أبو زيد عند ذلك بتسيير (?) القطع في البحر وخروج العسكر في البر، وكان ابن عبد الكريم قد أكمن للجيش كمينا في بعض المواضع، فلمّا وصل عسكر تونس / ووقع القتل بينه وبين ابن عبد الكريم خرج ذلك الكمين فولى العسكر منهزما وقتل منه مقتلة عظيمة، ولم ينج منه إلاّ القليل، وترامى منه جماعة في البحر فقتلوا هنالك، وانبسطت جموع ابن عبد الكريم في تلك الجهات فأخذوا من المرسى المعروفة بمرسى البرج أموالا كانت للنّاس هنالك وأمتعة، وانتهبوا من تلك القرى ما قدروا عليه.

وبعث السيّد أبو زيد والشّيخ أبو سعيد إلى ابن عبد الكريم أشياخا من الموحدين يعيبون عليه فعله ويذكرون انتماءه للموحدين ويسألونه الرّجوع عنهم، فأجاب إلى ذلك، ورجع إلى المهديّة فأقام بها أشهرا، ثم حدثته نفسه بحصار يحيى بن اسحاق الميورقي وهو اذ ذاك بقابس، وقد حدثت بينهما وحشة ومنافرة، فخلف على المهديّة ابنه عبد الله، وتوجّه إلى قابس، فلمّا أشرف عليها هاله أمرها وعلم أن لا طاقة له بها فارتحل عنها إلى قفصة وحكم عليها، وعند استقراره بها وصل إليه الخبر أن الميورقي خرج إليه من قابس في اتباعه فخرج ابن عبد الكريم بجيوشه من قفصة ونزل بقصور لالة، ووصل إليه الميورقي فالتقيا هنالك فكانت (?) الهزيمة على ابن عبد الكريم وولى هاربا لا يلوي على شيء إلى أن حصل بالمهديّة، وتسرب إليه من سلم من جنده فحصلوا بها واحتوى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015