الجهات، فكان يدعى له في المساجد وعقب الصلوات.
فاتفق أن قدم الشيخ أبو سعيد ابن الشّيخ أبي حفص على افريقية / من قبل المنصور فولى أبو سعيد على المهديّة أخاه أبا علي يونس بن أبي حفص، فلمّا وصل إليها واطلع على حال ابن عبد الكريم بها طالبه باسهامه فيما يناله من أموال الأعراب المفسدين، فامتنع ابن عبد الكريم من ذلك وطلب من الشّيخ أبي علي أن يجريه على ما أجراه عليه الولاة من قبله، فقبض الشّيخ أبو علي عليه وأهانه وامتحنه، فبعث ابن عبد الكريم إلى أخيه الشّيخ أبي سعيد يستشفع به فأعرض الشّيخ أبو سعيد عنه، واتّفق باثر ذلك أن عظم فساد العرب في الساحل وكثر التشكّي منهم، فألح النّاس على الشّيخ أبي علي في اطلاق ابن عبد الكريم وكادت (?) تقوم بسبب ذلك فتنة فاضطر إلى اطلاقه ورد إليه جنده الذين كانوا متميزين بصحبته، وأمره بالخروج لكف أولائك العربان عن الفساد، فاغتنم ابن عبد الكريم ذلك وخرج عن المهديّة مبادرا وضرب أخبيته بظاهرها، وأقام هنالك يومين إلى أن اجتمع إليه النّاس، فشكا إليهم ما فعل الشيخ أبو علي به وعرفهم أنه عازم على الغدر به إن وقعت منهم موافقة له، فأجابوه إلى ذلك وصوّبوا له رأيه، فنهض بهم في ثلث الليل الأخير إلى المهديّة، فلما فتح بابها دخل إليها بمن أحبّ من جنده وأمر باغلاق الباب، ثم بادر إلى قصر الشّيخ أبي علي وكان ابن عبد الكريم متلثما فأنكره البواب وأغلق باب القصر / فحسر عن وجهه فعرفه ففتح له وهرب فدخل ابن عبد الكريم وجماعته إلى القصر، وسمع الشّيخ أبو علي أصواتهم فخرج إلى رحبة القصر عزلا (?) من السلاح، فقبض ابن عبد الكريم عليه وأحب قتله فشفع فيه بعض أصحابه فاستحياه (?) وثقفه في موضع من القصر، وذلك في شهر شعبان من سنة خمس وتسعين (?) المذكورة آنفا، فلم يزل هنالك إلى أن وصل فداؤه من قبل أخيه أبي سعيد ابن أبي حفص على يدي محمد بن عبد السلام الكومي [وذلك] خمسمائة دينار ذهبا، فأطلقه ابن عبد السلام المذكور وكان صهرا لابن عبد الكريم.