قد توغلا في صحرائها فرجعوا عنهما، وانصرف المنصور لقابس فأحاط بها برا وبحرا إلى أن فتحوا له أبوابها واستسلموا.
ثم توجّه المنصور إلى قفصة، فحاصرها حصارا شديدا إلى أن خرج إليه أهلها راغبين في العفو فشارطهم على تأمين أهل البلد في أنفسهم خاصّة وتبقى أملاكهم في أيديهم على حكم المساقاة وجميع ما عندهم من الحشود والغرباء (?) ينزلون على الحكم، فوقع الاتفاق على ذلك، وخرج جميع من في البلد من أهله (?) وغيرهم حتى لم يبق فيه (?) الاّ النّساء فميّز أهل البلد وأمرهم بالرّجوع إلى بلدهم، وبقي من كان به (?) من الغرباء (57)، والحشود والجنود فثقفوا ساعة، ثم جلس المنصور باثر صلاة الظهر بموضع جلوسه وأخذ النّاس مراتبهم، وأمر بأولائك / المثقفين فذبحوا بين يديه أجمعين، ولم يفلت منهم أحد، وأمر المنصور بهدم سور قفصة وفرّق عليه الجند، ففرغوا منه في يومين، وعاد خبرا بعد عين، وكان المنصور آلى على نفسه أيّام حصارها أن يقطع كل يوم ألف نخلة، فقطع أكثر نخيلها» (?).
فلمّا استعاد المنصور ما كان استولى عليه بنو غانية رجع لتونس، ثم انصرف إلى مرّاكش فأظهر قراقش الإنابة، وهاجر إلى الموحدين، وذلك في سنة ست وثمانين وخمسمائة (?) «فاجتمع (?) قراقش بالسيد زيد ابن السيد [أبي] (?) حفص وهو اذ ذاك الوالي عليها من قبل المنصور، فأقام بها زمانا تحت كرامته، ثم انصرف فارا عنه إلى قابس، وخادع (?) أهلها حتى دخلها فقتل جماعة منهم، وأظهر الرجوع عن الانابة، واستدعى أشياخ العرب الدّبابيين (?) فقتل أعيانهم [بقابس] (?) ومن جملة من قتل منهم