طرابلس، وصادف بلادا لم تتوقع (?) ثائرا ولا مخالفا فهي خالية من الأجناد ومن العدد والأقوات، فاستولى عليها، فعظم اذ ذاك أمره، وتوقّع من بتونس وغيرها شرّه، ووصلت إليه العربان من كل مكان، فاحتاج إلى تكليف الرّعيّة فوق طاقتهم، فانفض النّاس عنه بعد أن كانت القلوب مالت إليه، وأقبلت عليه، ثم زاد بعد ذلك، ودخل افريقية، وتعاون في حرويه بالميورقيين عند مقاتلة الموحدين ومكث كذلك نحوا من أربعين سنة» (?).
ولمّا اتّصل بالخليفة المنصور يعقوب (?) ما نزل بافريقية نهض من مرّاكش سنة ثلاث وثمانين (?) لحسم هذه الدّول، فوصل إلى تونس واستراح بها، ثم سرّح مقدمه الشّيخ أبا يوسف يعقوب (?) بن أبي حفص بن عبد المؤمن «فالتقوا قرب قفصة فانهزم الشّيخ يعقوب وجماعته، وأخذت أسلابهم، وتسمى هذه الوقعة وقعة عمرة، قتل فيها أكثر جيش المنصور، وتحامل من سلم من القتل فوصل قفصة فاستدعاهم الميورقي موهما (?) لهم بالأمان، فلمّا اجتمعوا أجال (?) فيهم السّيف، فامتعض المنصور من ذلك، / ونكب عن المشورة، واستبدّ برأيه وتحرّك من تونس واستخلف عليها أخاه السّيد أبا اسحاق ونزل رادس متلوما وقد ظهر تكاسل النّاس، فعاقب أقواما على تأخّرهم، وتوجّه سنة ست وثمانين وخمسمائة (?) فلمّا كان على فرسخين من الحمّة سرّح سريّة إلى منازل العرب الذين مع الميورقيين، فشنّت الغارة عليهم واكتسحت أموالهم، ففلّ ذلك شوكتهم، ثم لبس المنصور لامته وناجزهم الحرب مباشرة بنفسه، فاستؤصلت الميورقية، واتفق أن أصاب علي (?) بن غانية الميورقي سهم في ترقوته فكانت فيه روحه، وأفلت أخوه يحيى وقراقش فتبعهم الموحّدون سالكين سبيلهما حتى أشرفوا على توزر، فوجدوهما