يكون ذلك والمهدي يقول ان أصحابنا (?) يقطعون أشجارها ويهدّمون أسوارها، ومع هذا فنقبل (?) منهم ونكف عنهم {لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً} (?) فلمّا دخلوا عليه أنشده شاعرهم (?) أبو محمد عبد الله بن أبي العبّاس التيفاشي قصيدة امتدحه بها أولها:
[بسيط]
ما هزّ عطفية بين البيض والأسل ... مثل الخليفة عبد المؤمن بن علي
فوصله بألف دينار، (وأشار إليه عند ذكر هذه البيت أن اقتصر) (?).
ولمّا كان الثاني والعشرين من شعبان من السنة جاء أسطول صاحب صقليّة في مائة وخمسين شينيا غير الطّرائد وكان قدومهم من جزيرة يابسة (?)، وقد سبى أهلها وأسّرهم وحملهم معه، فأرسل إليهم طاغية الافرنج يأمرهم بالمسير إلى المهديّة، فقدموا في التاريخ، فلمّا قاربوا المهديّة حلوا (?) قلوعهم ليدخلوا الميناء، فخرج أسطول عبد المؤمن، وركب جميع العسكر ووقفوا [على] جانب البحر، فاستعظم الافرنج ما رأوا من كثرة العساكر، ودخل الرّعب في قلوبهم، وبقي عبد المؤمن يمرّغ وجهه على الأرض ويبكي ويدعو للمسلمين بالنّصر، واقتتلوا في البحر فانهزمت (?) شواني الافرنج، وأعادوا القلوع، وتبعهم المسلمون، فأخذوا منهم سبع شواني، ولو كان معهم قلوع لأخذوا أكثرهم، وكان أمرا عجيبا وفتحا غريبا (?)، وعاد أسطول المسلمين مظفرا منصورا، وفرق عبد المؤمن فيهم الأموال فيئس (?) أهل المهديّة من النجدة وصبروا على هذا الحصار ستة أشهر إلى آخر ذي / الحجّة من السنّة، فنزل من فرسان الافرنج إلى عبد المؤمن عشرة وسألوه الأمان لمن فيها من الافرنج على أنفسهم وأموالهم ليخرجوا منها ويعودوا إلى بلادهم، وكان قوتهم قد فني حتى أكلوا الخيل، فعرض عليهم الاسلام ودعاهم إليه فلم يجيبوا، فما زالوا يتردّدون إليه ويستعطفونه بالكلام اللين، حتى أجابهم