أبوه دويّا من السماء، فرفع رأسه فرأى سحابة سوداء من نحل قد هوت مطبقة على الدّار، فنزلت كلّها مجتمعة على عبد المؤمن وهو نائم، فغطّته ولم يظهر من تحتها ولا استيقظ، فرأته أمّه على تلك الحالة فصاحت خوفا على ولدها، فسكتها أبوه فقالت له: أخاف عليه، فقال: لا بأس عليه، بل إني متعجّب ممّا يدل عليه ذلك، ثم غسل يديه من الطّين ولبس ثيابه ووقف ينتظر ما يكون من أمر النّحل، فطار عليه بأجمعه، فاستيقظ الصّبي وما به من ألم، فتفقّدت أمه جسده فلم تر به أثرا، ولم يشك لها ألما، وكان بالقرب منهم رجل معروف بالزّجر، فمضى أبوه إليه فأخبره بما رآه من النّحل مع ولده، فقال الزّاجر: يوشك أن يكون له شأن / يجتمع على طاعته أهل المغرب، فكان من أمره ما اشتهر» (?) اهـ يعني من فتح البلاد، وتطويع العباد بأرض المغرب، وقد تقدّم كيفية انقراض دولة الملثّمين على يديه، وفتح البلاد من وهران لمرّاكش، وأخذه لمرّاكش أوائل سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة (?)، «وكانت هذه الغزوة المشتملة على هذه الفتوح من أربع وثلاثين إلى إحدى وأربعين (?)، واستوثق له الأمر وامتد ملكه إلى المغرب الأقصى والأدنى وكثير من بلاد الأندلس» (?).
ومن أعظم فتوحاته فتح المهدية والبلاد الساحلية من أيدي الكفّار حسبما يأتي تفصيل ذلك في الباب الذي يلي هذا إن شاء الله تعالى.
«وقدم على (?) عبد المؤمن بمرّاكش وفد اشبيلية يقدمهم القاضي أبو بكر بن العربي - بعد قتل ولده عبد الله في فتح اشبيلية - فقبل طاعتهم وانصرفوا بالجوائز والاقطاعات لجميع (?) الوفد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة (?)، وتوفي القاضي أبو بكر في طريقه في جمادى الآخرة من سنة اثنتين وأربعين (?)، عند وصوله إلى مدينة فاس فدفن بروضة الجياني (?) بفاس وهو ابن خمس وسبعين سنة، وقيل توفي في سابع ربيع