ثم بعده صار الأمر إلى أخيه أبي بكر بن عمر، «وكان رجلا ساذجا خير الطّباع، مؤثرا لبلاده على بلاد المغرب، غير مائل إلى الرفاهية» (?).
وفي / بعض التّواريخ كان أول مسير لمتونة من اليمن في زمن أبي بكر الصدّيق - رضي الله تعالى عنه - سيّرهم إلى جهة الشّام، ثم انتقلوا إلى مصر، ثم إلى المغرب مع موسى بن نصير، وأحبّوا الانفراد فدخلوا إلى الصّحراء واستوطنوها إلى سنة أربعين وأربعمائة (?).
وكان من أمرهم أنهم ينتسبون إلى حمير، فلمّا كانت هذه السّنة توجه رجل منهم اسمه (يحيى بن ابراهيم) (?) من قبيلة جدالة إلى إفريقية طالبا الحجّ، فلمّا عاد استصحب معه فقيها من القيروان يقال له عبد الله بن ياسين (?) ليعلّم أهل تلك البلاد دين الاسلام، فانه لم يبق فيهم غير الشّهادتين والصّلاة في بعضهم، فتوجّه عبد الله مع يحيى (8) حتى أتيا قبيلة لمتونة وهي قبيلة يوسف بن تاشفين، فدعاهم إلى العمل بشرائع الاسلام فأجاب أكثرهم، وامتنع أقلّهم، فقال الفقيه للمجيبين: يجب عليكم قتال المخالفين فأقيموا لكم أميرا: فقالوا: أنت أميرنا، فامتنع الفقيه وقال ليحيى بن ابراهيم (?): أنت الأمير، فامتنع أيضا، ثم اتّفقا على يحيى (?) بن عمر رأس قبيلة لمتونة فعرضا عليه فقبل، وعقدت له البيعة وسمّاه الفقيه «أمير المسلمين» واجتمع إليه خلق كثير، وحرّضهم الفقيه على الجهاد وسمّاهم المرابطين (?)، فقتلوا المخالفين.
ثم جرى بين المرابطين وبين أهل السوس قتال شديد، قتل فيه الفقيه، وكان برّ العدوة لقبيلة زناتة وكان أمراؤهم ضعافا، فخرج أبو بكر بن عمر من الصّحراء على أهل العدوة / في ثلاثين ألف جمل مسرّج، وكانوا مشهورين بالرّمي والطّعن، فلم تقاومهم زناتة، فأخذوا البلاد من أيديهم من باب تلمسان إلى ساحل البحر المحيط. وكان يوسف