أشياعهم حتى آل الأمر به إلى التصريح بلعنهم على المنابر (جهرة) (?) وقتل أشياعهم المرة بعد المرة، وتتبعهم في الأقطار بالقتل، وكان قبل ذلك يكاتب الوزير الجرجرائي مستميلا له ومعرضا بالتّحزّب معه على بني عبيد، وإنّما يفعل ذلك رمزا وتعريضا له [لعله] (?) يرى منه قبولا له فيجد في السعي معه على القوم، وكتب إلى الجرجرائي مرّة بخطّه قطعة تمثّل بها منها:

[بسيط]

وفيك صاحبت قوما لا خلاق لهم ... لولاك ما كنت أدري أنّهم خلقوا

يشير إلى بني عبيد الله، ويزعم أنه إنّما أبقى عليهم بعض الابقاء من أجل حبّه فيه، فلمّا وقف الجرجرائي عليها قال: ألا تعجبون من أمر (?) صبي مغربي بربري يحبّ أن يخدع شيخا بغداديّا عربيّا، وإنما اتّهمه بأنه فعل ذلك ليوقع بين القوم ووزيرهم إن عثروا على هذه الرّموز، ثم قال الجرجرائي: والله لا جيّشت له جيشا ولا تحمّلت فيه نصبا، وكلّف العرب العبور بمجاوزة النّيل، ولم يأمرهم بشيء لعلمه أنهم لا يحتاجون إلى وصاية، وكتب إليه معهم: «أما بعد فقد أرسلت إليك خيلا (?) فحولا، وحملنا (?) عليها رجالا كهولا، ليقضي الله أمرا كان مفعولا» (?)، وقد كان كتب إليه قبل ذلك كتاب تهديد ووعيد وقال فيه: إن لم ترجع عن رأيك أتتك الجيوش موصلة بسنابك خيلها، ناسخة بنقعها ووميضها (?) حكم نهارها وليلها.

وقوله: فأفرج لهم عن السبيل أمنية طالما سرت إليها أطماعهم، ليس كذلك، فالمنقول أنه لما كلّفهم العبور امتنعوا، / فجعل لكلّ عابر فروا ودينارا فحينئذ جازوا، ثم لمّا وصلوا إلى بلاد افريقية واستطابوها كتبوا لاخوانهم في اللحاق بهم فلم يتركهم الجرجرائي أو يؤدي كلّ عابر فروا ودينارا، فأخذ بذلك أكثر ممّا أعطى، وقوله: وكانت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015