زيري بن مناد وهو يومئذ من صنهاجة بمكان السّنام من الغارب، وبمنزلة الوجدان من نفس الطّالب، وكان له عشر من الولد آساد شرى وأقمار سرى فقال له: ادع لي بنيك، فقد عملت رأيي فيهم وفيك، وكان أصغرهم سنّا، وأهونهم شأنا، يوسف بن زيري فدعا ولده ما عداه، والمعزّ ما يريد سواه، وكان عند المعزّ إثارة من علم الحدثان، وقد عرف بها مصاير أحواله، وأهل الغناء (?) من أعيان رجاله، وكانت عنده لخليفته على افريقية (?) إذا صار إليه ملك مصر علامة (?) يأنس بها أنس الكبير بذكر شبابه، ويعرفها عرف العاشق بدار / أحبابه، فنظر في وجوه بني زيري فأنكرها حين تفقد تلك العلامة، فلم يرها فقال لزيري: هل غادرت من أبنائك أحدا، فلست أرى لمن هاهنا منهم أيدا [ولا يدا] (?) فقال له: لا الا غلاما [وطفق] (?) يصغّر شأنه، والمقدار قد عناه وأعانه، ويطوي أخباره والاختيار يدير عليه مداره، فقال له المعزّ: لا أراك حتى أراه، فلست أريد سواه، فلمّا رآه عرفه، وفوّض إليه من حينه واستخلفه، فاستولى من وقته على الأمور، وزاحمت مهابته الأهواء في الصّدور، وبعدت أسفاره، واشتهرت أخباره، واشتمل على طرف الليالي والأيام إيراده وإصداره، فبلغ بغزواته سبتة، ثم أجاب صوت مناديه، وخلع الامارة على أعطاف بنيه، حتى انتهت منهم إلى المعزّ بن باديس شرف (?) العشيرة، وآخر ملوكهم المشهورة، فأول ما افتتح به شأنه وأثبت به - فيما زعم (?) - سلطانه، قتل الرّافضة ومراسلة أمير المؤمنين ببغداد، فكتب إليه بعهده، وجاءت الخلعة (?) واللّقب من عنده، واتّصل ذلك بالجرجرائي وهو المتحكّم في الدّولة العبيدية، فاضطغنها عليه، وفوّق سهام مكروهه إليه (?)، وكان بطون من بني عامر بن صعصعة زغبة، والأثبج (?)، وعدي، ورياح، وغيرهم تنزل بالصّعيد لا يباح لها