جبال صنهاجة بالمغرب (الأوسط إلى المهديّة) (?) ثم صلب بها إلى أن مزّقته الرّياح بعد أن مزّق شمل العالم في البلاد، وكان يبيح دم أهل القبلة ويستحل الفروج ويفعل في الاسلام أشدّ مما يفعل في دار الحرب» (?).

قال التجاني في رحلته (?): «ومن قرية الزّارات (?) كان ابتداء سيرنا بسلوك منازل البربر المستمسكين بمذهب الخوارج المستحلين لدماء المسلمين وأموالهم، وهذا المذهب هو الغالب على جميع البقاع التي بين قابس وطرابلس وخصوصا أهل السّاحل منهم، فهم بهذا المذهب المذموم يتقربون ببيع (?) من يمر بهم من المسلمين للروم فتجد النّاس لأجل ذلك يتحامون الانفراد في قراهم ويتجنّبون ايواءهم وقراهم، وهم من بقايا الشّرذمة الضّالة التي قام بها أبو يزيد مخلّد بن كيداد في افريقية، فانه لمّا أظفر الله به وأراح البلاد والعباد منه تفرّقت أتباعه في الأقطار فسكنت هذه الشّرذمة / هذه البقاع، وسكنت طائفة أخرى بجبال بجاية وقسنطينة وما والاها إلى بونة (?)، ومالت طائفة أخرى إلى بلاد الجريد فاستوطنت نفطة ونفزاوة وما والاها من البلاد» اهـ‍ (?).

قلت: وقد طهر الله من هذا المذهب نفزاوة وكثيرا من البلاد، وربنا يحسن خلاص الباقين من أسر هذه البدعة، وأشد الناس به تعلقا في هذه الأعصار جبل نفّوسة ويسمونه اليوم «فسّاطو» لتعاصيه عن أحكام سلاطين تونس وطرابلس لبعده عنهما وشدة حصانته، وما ذكر من بيع المسلمين للكفار لم يبق ذلك وقطع الله آثار الكفر ولله الحمد، وكذلك استحلال الفروج ودماء المسلمين، وربنا يطهر المسلمين من هذه البدعة وشنائعها.

ثم ان المنصور بنى موضع الوقعة مدينة سمّاها المنصورية وهي صبرة التي كانت ملاصقة للقيروان، فاستوطنها وبنى بها قصرا، ثم خرج في شهر رمضان سنة احدى وأربعين من المنصورية إلى جلولا يتنزّه بها ومعه حظية كان مغرما بها، فأمطر الله عليهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015