وكان السّلطان قد دخل بغداد دفعتين، وهي من جملة بلاده التي تحتوي عليها مملكته، وليس للخليفة فيها سوى الاسم، فلمّا عاد إليها في الدّفعة الثّالثة أول شوال سنة خمس وثمانين وأربعمائة (?)، وخرج من فوره إلى ناحية دجيل (?) لأجل الصّيد، فاصطاد وحشا وأكل من لحمه فابتدأت به العلّة، فافتصد، ولم يكثر من اخراج الدّم، فعاد إلى بغداد مريضا، ولم يصل إليه أحد من خاصّته، فلما دخلها توفّي بها ثاني يوم دخوله، وهو السّادس عشر من شوال سنة خمس وثمانين وأربعمائة (?) ولمّا مات / لم تشهد له جنازة ولا صلّى عليه أحد في الصّورة الظّاهرة، ولا جلسوا للعزاء، ولا حلق (?) عليه ذنب فرس كعادة أمثاله بل كأنه اختلس من العالم.

وحمل تابوته إلى اصبهان ودفن بها في مدرسته العظيمة الموقوفة على طلبة الشّافعية والحنفية، وانما أخمد ذكره عند موته عقوبة من الله، وذلك أنه لما دخل بغداد في هذه المرّة وكان للخليفة [المقتدى] (?) ولدان أحدهما الامام المستظهر بالله والآخر أبو الفضل جعفر ابن بنت السّلطان، وكان الخليفة قد بايع لولده المستظهر بولاية العهد من بعده، فألزمه السّلطان أن يخلعه وأن يبايع لابن ابنته، ويسلّم بغداد إليه، ويخرج الخليفة إلى البصرة، فشقّ ذلك على الخليفة، وبالغ في استنزال السّلطان عن هذا الرأي فلم يفعل، فسأله المهلة عشرة أيام ليتجهز فأمهله، فقيل إن الخليفة في تلك الأيام جعل يصوم ويصلّي (?) واذا أفطر جلس على الرّماد للافطار، وهو يدعو الله سبحانه وتعالى على السّلطان، فمرض [السّلطان] في تلك الأيام ومات، وكفى الله الخليفة أمره، وتزوج الامام المستظهر ابنة السّلطان واسمها خاتون [العصمة] (?) في سنة اثنتين وخمسمائة (?).

وقد خلف ملكشاه ثلاثة أولاد اقتسموا مملكته، بركياروق، وسنجر، ومحمّد، ولم يكن لسنجر ومحمّد الشقيقان حديث ولا ذكر مع وجود بركياروق، لأنه كان هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015