حجابا من الحجر والطّين، وأبوابا من الخشب والحديد وحجّابا (?) معهم السّلاح، واتّخذت وزراء فجرة وأعوانا ظلمة، إن نسيت لا يذكّروك، وإن أحسنت لا يعينوك، وقوّيتهم على ظلمهم للناس بالأموال والسلاح والرجال، وأمرت أن لا يدخل عليك غيرهم من الناس، ولم تأمر بايصال المظلوم إليك، ومنعت من إدخال الملهوف عليك، وحجبت الجائع والعاري (?)، وما أحد منهم إلاّ وله حقّ في هذا المال، فما زال هؤلاء النّفر الذين استخلصتهم (?) لنفسك، وآثرتهم على رعيتك، وأمرت أن لا يحجبوا عنك يقولون في أنفسهم: هذا قد خان الله فما لنا لا نخونه، فاتّفقوا على أن لا يصل إليك من أخبار الناس إلاّ ما أرادوه، ولا يخالف أمرهم عامل إلاّ أقصوه (?) عنك وأبعدوه، فلمّا انتشر (?) ذلك عنك وعنهم عظّمهم الناس وهابوهم (?) وأكرموهم وهادوهم، وكان أول من صانعهم وداراهم عمالك بالأموال والهدايا والرشا، فتقووا بها على ظلم رعيتك ليظلموا من دونهم، فامتلأت بلاد الله بالظّلم والغشم، وزاد بغيهم وطمعهم وكثر فسادهم فصار هؤلاء شركاؤك في سلطانك وأنت غافل، فإن جاءك متظلّم حيل بينه وبين الوصول إليك، وإن أراد رفع قضيته إليك وصرخ بين يديك ضرب ضربا مبرحا (ليكون نكالا لغيره وأنت تنظر بعينك ولا ترحم) (?) فإن سألتهم / عنه قالوا: أساء معنا الأدب فأدّبناه، وجهل مقامك فضربناه (فما بقاء بالإسلام) (?) على هذه المظالم والآثام، فإني سافرت لأرض الصّين فقدمتها وقد أصاب ملكهم آفة أذهبت سمعه، فجعل يبكي، فقال له وزراؤه: لم تبكي لا بكت عيناك؟ فقال: أنا لا أبكي على فقد سمعي، ولكن أبكي على المظلوم يصرخ ببابي يطلب رفع ظلامته فلا أسمع صوته وحسّه، وحيث ذهب سمعي فإن بصري لم يذهب، فنادوا في الناس أن لا يلبس الأحمر إلاّ مظلوم لأميّزه بالنظر فأعينه، وكان يركب الفيل كلّ يوم ليرى المظلوم ليستدنيه ويرفع عنه ظلامته، أنظر يا