عامل لجرجير الرّومي الذي كان ملك سبيطلة، فنزل بجيشه على قمّونيّة (?) وهي قيروان افريقية. فرحل (?) منها إلى جبل يقال له القرن، قيل إنما سمّي بذلك لقول معاوية:
ارحلوا بنا إلى ذلك القرن، ويقال إنّه نزل جبلا بإفريقية يقال له ممطور في غربي / مدينة قمّونيّة على فراسخ منها، فأصابه مطر شديد فقال: إنّ جبلنا هذا الممطور فسمي إلى اليوم بذلك. وقال: إذهبوا بنا إلى ذلك القرن.
ثم رحل منه إلى مدينة جلولا، فلما وصل إليها امتنعوا منه وتحصنوا فحاصرهم حتى فتحها وكان سبب فتحها أن معاوية لما طال مقامه عليها، رحل عنهم يريد القفول، فلما سار عنهم قليلا، ذكر رجل من عسكره أنه نسي قوسا بمعسكره، فرجع في طلبها فرآى ركنا من أركان جلولا قد انهدم، فلحق معاوية فأخبره. ويقال إنّه لما انصرف جعل فرسان النّاس وحماتهم على ساقة للعسكر، فساروا غير بعيد، ثم نظروا فإذا خلفهم غبار شديد.
ورهج، فوقف العسكر وزحف من كان على الساقة نحو ذلك الغبار حتى وقفوا على المدينة، فإذا هي قد وقع حصنها من ناحية واحدة من ركن إلى ركن، فلم يبق منه شيء إلاّ لصق بالأرض، فانصرف المعسكر إليها، فنزلوا على حصنها من جهة الهدم، وألقوا بأنفسهم على الموت، فقاتلوهم قتالا شديدا فانهزم الروم، وقتل رجالهم وأنجادهم، ودخلوها بالسيف، فأصابوا بها سبيا كثيرا وغنائم، ويقال إنّ معاوية بن خديج مضى إليها بجميع عسكره، فغنم كل ما كان فيها، ثم أنفذ الغنائم إلى معاوية بن أبي سفيان بالشام. ويقال إنّ الذي نسي القوس عبد الملك بن مروان» (?).
ونقل في «معالم الإيمان» (?) / عن أبي العرب (?) «إن معاوية بن خديج غزا افريقية ثلاث غزوات أما الأولى فسنة أربع وثلاثين (?)، في خلافة عثمان - رضي الله تعالى عنه - (وكانت تلك الغزوة لا يعرفها كثير من الناس) (?) وأما الثانية فسنة أربعين (?)، وأما الثالثة فسنة خمسين (?) من الهجرة».