فكان كيومرث أول ملوك بني آدم، كما أن شيث أول نبيء بعد آدم، وسبب ذلك أن آدم - عليه السّلام - ما حضرته الوفاة إلاّ وقد بلغ عدد أولاده وأولاد أولاده أربعين ألفا، ومن ضرورة الكثرة الإختلاف والتّنازع، والتّغالب لاختلاف الطباع، وتنافي الاختيارات، فلما كان آدم قائم الحياة كان يسوسهم بحق الأبوة والنبوءة، ولما حضرته الوفاة اختار خلاصة أولاده، وهما شيث وكيومرث، فأقام كل واحد منهما فيما خلقه الله لأجله، ثم أن آدم - عليه السّلام - أعطاهما أربعين صحيفة ليعملا بما فيها، فولى شيث حفظ أمور الدين والآخرة، وكيومرث حفظ الممالك ونظامها التام، والسياسة بالضبط وتعمير الأرض.
فأما كيومرث فكان ملكه مائتي سنة وثلاث وعشرين سنة، وعمره ألف سنة فعهد لولده (?)، وولده لولده حتى / أفضى الملك للخامس، وهو مهلائيل (?) بن قينان (?)، فكثر الخلق في زمنه، وتضايقوا وتزاحموا، وكان سكناهم بالكهوف والغابات والجبال، ففرق الخلق للأقطار فنزل مهلائيل (27) مع من كان معه إذ ذاك من أولاد شيث بأرض بابل، فابتدأ ببناء مدينة بابل، فهو أول من بنى المدائن، وقيل إن كيومرث هو الذي ابتدأ بناية مدينة اصطخر، ومدينة نهاوند.
وأما شيث فكان بأرض مصر، فلما مات وعمره تسعمائة سنة واثنا عشر سنة، دفن بقرب آدم - عليه السّلام - وكان أوصى بعهده إلى ابنه أنوش، ثم إلى ابنه قينان،