فيستمع للتّلاوة ويبكي ويظهر الخشوع والبكاء / والتّضرّع، فإذا سمع آية رحمة فرح واستبشر وبسط يديه للسّؤال، وإذا سمع آية عذاب غلبه الفزع والرّعب وأشار بيده إلى الإستعاذة منها. وكان محبا لكثرة الصّلاة محافظا على الفرائض في أوقاتها، محبّا لسماع الصّلاة على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان محبّا للشّيخ سيدي طيّب الشّرفي - رحمه الله - وللشّيخ فيه اعتقاد زائد، وكانا يتزاوران كثيرا، فإذا احتجب زاره الشّيخ في داره، وإذا خرج زار الشّيخ في مدرسته إن وجده وإلاّ ففي داره، وإذا كان يوم جمعة قرأ له الشّيخ دلائل الخيرات فيستمع له ويظهر السّرور عند سماع ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

ولمّا توفّي صار الشّيخ يذهب يوم الجمعة إلى ضريحه فيقرأ بإزاء قبره. وبعد وفاة الشّيخ - رحمه الله - قام ولده الشّيخ سيدي عبد الرّحمان - رحمه الله - مقام والده فيذهب لضريح الشّيخ الجرّاية فيقرأ دلائل الخيرات كوالده - رحمة الله على الجميع -

ولمّا حضرت وفاته توجّه إلى القبلة بنفسه وأطبق عينيه وفاه بنفسه بعد أن أوصى أن يتولّى غسله، وكفنه الشّيخ سيدي طيّب الشّرفي، وتشهّد كلمة الحقّ وفارق الدّنيا - رحمة الله عليه - سابع ربيع أوّل المشرّف بولادته صلّى الله عليه وسلم سنة خمس وتسعين ومائة وألف (?) وله من العمر أربعون سنة. وكتب بعضهم على تابوته قوله:

[الطّويل]

فهذا الّذي قد كان يعبد ربّه ... ويخشى إلى أن مات في خلواته /

حليف التّقى والصّوم والصّمت دهره ... ففيها نجاة المرء من هفواته

لقد مات في تسعين مع خمس خلت ... وألف ومائة قل ذاك عام وفاته

ترجمة الولي أبي عبد الله محمّد أبو مغارة:

وممّن رأيناه وعرفناه من مجاذيب الوقت الرّجل الصّالح العارف بالله تعالى أبو عبد الله سيدي محمّد أبو مغارة إبن الرّحّال السوسي.

كان في ابتداء أمره قدم من بلد السّوس إلى صفاقس فأقام بها وحفر مغارة في وسط المقابر فينزل إليها ويبيت بها ليلا وحده منفردا فيدخل البلد نهارا يطلب قوته، فإذا جنّ اللّيل خرج وبات بها، فمن ثمّ سمّي أبا مغارة. ثمّ أخذ يتعلّم الحروف حتّى تمرّن عليها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015