والحجر عنده سواء لأنّه حصور لا شهوة لفرجه ولا لعينه ولا ليده ولا لقلبه، ينظر الحسناء بعين / الشوهاء (?) لا يفرّق بينهما إلاّ بالطّاعة، فيحبّ أهل الخير ويظهر له المحبّة، ولا يعنف من استتر في معصية بل قد يشير بحيث لا يهتك السّتر إشارة يفهمها من وقع فيها كالضّرب كما تقدّم. وإذا نزل بالنّاس قحط واستسقوا كان في أوّلهم، وإذا كانت أفراح للمسلمين كان معهم.

ولمّا وقع الطّاعون سنة تسع وتسعين ومائة وألف (?) بتونس قال بعضهم: قمت في جوف الليل وغرّني الوقت فخرجت فلم أجد أحدا في الطّرقات، فبينما أنا سائر وإذا بصوت رجل يتأسّف ويتحسّر ويقول: آه عليك يا بلدي، آه على إخواني المؤمنين وهو يتأسّف ويسترجع بصوت لا عقد فيه ولا لكنة فتقدّمت يسيرا فوجدته الشّيخ، فعن قريب وقع الطّاعون الجارف فذهب بأهل الخير والصّلاح، فعلى ذلك كان يتأسّف، فهو - رحمه الله - كان ممّن جبله الله على حبّ الخير للمسلمين، وكل (?) أحد يظنّ أنّه مختصّ منه بمحبّة زائدة على غيره أكثر ممّا يجده الأولاد من آبائهم لأنّ بعض الآباء قد يظهر ميلا ولا ميل عنده.

وكان من أهل الخطوة قد شاهده بعضهم على عرفة، ورآه بعض المغاربة مقبلا في الطّريق بصفاقس وكان من الغرب الأقصى فقال: هذا الشّيخ من هذه البلاد؟ فقال له بعض الحاضرين: نعم، فقال: رأيناه على عرفة، فلمّا وصل الشّيخ أشار إليه أن أسكت مع أنّه / لم يفقد من بلده، ولم يسافر إلاّ لزيارة أولياء السّاحل مع إخوانه الزّائرين وهو صاحب درك (?) البلد، وقد يقوم بعض النّاس ليلا فيجدونه (?) فوق السّور دائرا أو واقفا بين شرّافتين منه وقد يشاهد خارج البلد ولا يصبح إلاّ في داره.

وقد ذكرت بعض النّساء الصّادقات أنّه إذا تعذّرت الولادة وأيس أهل المرأة من خلاصها وأراد الله خلاصها دخل هذا الشّيخ، فتارة تخلص بمجرّد حضوره، وتارة يضع يده على المرأة فيحسن الله خلاصها، فدخوله علامة على السّلامة.

والكلام عليه يستدعي مؤلّفا مختصّا بل لا يكفي فيه مؤلّف واحد لأنّ كل أحد قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015