ومن مدينة قابس إلى مدينة صفاقس (?) نازلا مع الجون سبعون ميلا.
وبين قفصة وصفاقس بين جنوب وغرب ثلاثة أيام، ومدينة صفاقس / قديمة (اسلامية) (?) عامرة، لها أسواق كثيرة، وعمارة شاملة، وعليها سور حصين من حجارة، في غاية السمو، وأبوابها مصفحة بصفائح من حديد منيعة، وعلى سورها محارس نفيسة للرّباط، وأسواقها نافقة، وشرب أهلها من المواجل (وكان) (?) يجلب إليها من قابس نفيس الفواكه، وعجيب أنواعها، ويصاد بها من السمك ما يعظم خطره ويكبر قدره (قبل أن تدخله الأمكاس وظلم الأنجاس) (?) وأكثر صيدهم بالزّروب المنصوبة لهم في الماء الميت بضروب من الحيل، وأكثر غلاّتها (في سابق الزمن) (?) الزيتون والزيت. وبها منه ما ليس يوجد بغيرها مثله، وبها مرسى حسن ميت الماء. قال في «نزهة المشتاق» (?): «وبالجملة فهي من عز البلاد، ولأهلها نخوة، وفي أنفسهم عزة، وهي الآن معمورة وليست مثل ما كانت عليه من العمارة والأسواق والمتاجر في الزمن القديم» أهـ. يعني وقت تأليفه لكتابه.
وكان (?) زمن استيلاء الخبيث لجار عليها وغيرها، - عليه لعنة الملك الجبّار - فإنها في تلك المدة (?) قتلت أبطالها وعلماؤها جهادا في سبيل الله حسبما يأتي إن شاء الله تفصيل ذلك في المقالة الثامنة.