من البلاد (وكان) (?) عليها سور منيع محيط بها، ومن ورائه (?) خندق، ولها أسواق عامرة وتجارات رابحة وبضاعات نافقة وكان بها فيما سلف طرز يعمل به الحرير الحسن، وبها إلى الآن مدابغ للجلود ويتجهّز بها منها، ولها واد يأتيها من غدير كبير، وعلى هذا الغدير (?) قصر [سجّة] (?) بينه وبين قابس ثلاثة أميال، وهو مدينة صغيرة متحضرة وبها من ناحية البحر أيضا سوق وباعة، وكان به حريريّون كثيرون وشربهم من الوادي، وهو غير طيب لكنه مشروب، وبين قابس والبحر ستة أميال من جهة الشمال، ويتّصل بغابة أشجارها إلى البحر رملة متصلة مقدار ميل، وهذه الغابة أشجار وكروم (وكان) (?) بها زيتون (?) يعتصر منه زيت كثير يتجهّز به إلى سائر / النواحي، وبها نخل ملتفّ به من الرطب الذي لا يوجد مثله (وذلك أنهم يجنون نخيلهم طرية فيودعون جنيها في جرار الفخار، ويسدون عليها سدا محكما، فإذا كان بعد مدة خرجت عليه عسلية سكنجبينية بين حلاوة وحموضة، وإذا كان صالحا علته سكرية) (?) ومرساها في البحر ليس بشيء لأنه لا يستر من ريح، وإنما ترسي القوارب بواديها، وهو نهر صغير يدخله المدّ والجزر، وترسي به السفن الصغار وليس بكثير السعة، فإن الذي يدخله المدّ ويرسي به نحو من رمية سهم ولا يدخل فيه ولا يخرج منه إلا وقت المدّ إذ وقت الجزر تبقى السّفن غير عائمة، وفي أكثر أهل قابس (شراسة أخلاق) (?) وقلة دماثة (وكانوا ذوي) (?) زي ونظافة، وفي باديتها عتو وفساد وقطع سبل، (وبين أهلها عداوة ومقاتلة على مائهم وهي منقسمة بقسمين سواء، فيستبيحون دماء بعضهم مع أن بها فقهاء وصالحين لغلبة أهل البغي والفساد على أهل الفضل والصلاح كما هو شأن أهل الزمان) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015