في شهر رمضان، وبعد وفاته استولى نواب خليفة بغداد على إربل وصارت مضافة لمملكة بغداد. وكان مظفر الدين المذكور ملكا كريما، رحيما، كثير الخير والبر والصدقة، وكان ينزل بنفسه الى البيمارستان ويتفقد المرضى.

وفيها مات الشيخ الإمام العلامة أبو الحسن علي ابن أبي الكرم، محمد بن عبد الكريم ابن عبد الواحد الشيباني، المعروف بابن الأثير (?) الجزري، الملقّب عز الدين. مولده بالجزيرة (?)، ونشأ بها، ثم سار الى الموصل مع والده واخوته وسكن الموصل، وسمع بها من أبي الفضل عبد الله بن أحمد الخطيب الطوسي ومن طبقته، وقدم بغداد مرارا (5 أ) حاجا ورسولا من صاحب الموصل، وسمع بها من الشيخين أبي القاسم يعيش ابن صدقة، الفقيه الشافعي، وأبي أحمد بن عبد الوهاب الصوفي، وغيرهما، ثم رحل الى الشام والقدس وسمع هناك من جماعة، ثم عاد الى الموصل ولزم بيته منقطعا الى التوفر على النظر في العلم والتصنيف. وكان بيته يجمع مجمع الفضل لأهل الموصل والواردين عليها وكان إماما في حفظ الحديث ومعرفة ما يتعلق به، وحافظا للتواريخ المتقدمة والمتأخرة، وخبيرا بأنساب العرب وأخبارهم وأيامهم ووقائعهم. صنف في التاريخ كتابا كبيرا سماه «الكامل» ابتدأ فيه من أول الزمان الى سنة ثمان وعشرين وستمائة، وهو من خيار التواريخ.

واختصر كتاب الأنساب (?) لأبي سعد عبد الكريم ابن السمعاني، واستدرك عليه فيه مواضع، ونبه على أغاليط، وزاد أشياء أهملها، وهو كتاب مفيد جدا، وأكثر ما يوجد اليوم بأيدي الناس هذا المختصر، وهو في ثلاثة مجلدات، والأصل في ثمانية، وهو عزيز الوجود.

قال الشيخ شمس الدين ابن خلكان (?): «ولم أره إلا مرة واحدة، بمدينة حلب ولم يصل الى الديار المصرية إلا المختصر المذكور». وكانت ولادته في رابع جمادى الأول سنة خمس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015