الله، وأرموهم الى الأرض. ولما كان وقت العصر، عادت عساكر المسلمين مؤيدين منصورين ومعهم الأسارى ورؤوس القتلى، فنزلوا في خيامهم مطمئنين، فأرسل الوزير في تلك الليلة من يثق به الى شط الدجلة أطلق ماءها على عساكر بغداد. فما كان أحد منهم يقوم إلا وهو يخوض في الوحل. وغرقت خيولهم (105 أ) وعدمت أموالهم، والسعيد منهم من لحق فرسا ركبه، وانكسروا بعد النصرة. وكان الميعاد مع عساكر التتار، فحملوا وقتلوا من المسلمين خلقا كثيرا، وتملك التتار ظاهر بغداد وأحاطوا بها وحاصروها (?).
وفيها مات الملك الناصر داوود (?) ابن الملك المعظم عيسى ابن العادل، الذي كان سلطان دمشق، ثم استقر في الكرك والشوبك، ثم سلب ذلك كله وصار متنقلا في البلاد موكلا به، فتارة يكون في البراري وتارة في الشرق وبغداد. مات بالبويضاء قرية من قرى دمشق، كانت لعمه مجير الدين ابن العادل، وحمل منها فصلي عليه عند باب النصر ودفن بقاسيون عند أبيه بالتربة المعظمية. وخلف أولادا وأتباعا من أهله. وكان فاضلا، عالما، له اليد الطولى في النظم وعلم الأوائل، ومشاركة في كل فن. ولما سافر الى بغداد، استأذن العزيز في نزوله بالمدرسة المستنصرية، فأجيب سؤاله، ونزل بها ومعه جماعة من أعيان الدولة. وبحث مع الفقهاء، وأورد سؤالات جيدة، وأبان عن فضيلة تامة شهد له الفضلاء بذلك. وعمل في ذلك اليوم دعوة عظيمة بالمدرسة المستنصرية، كذا ذكره الشيخ تاج الدين ابن الساعي (?) في تاريخه. وله. شعر جيد؛ فمنه قوله: [الكامل]
لمّا بدا في مرو زيّ قبائه ... وعليه من ثوب النهار تبهرج
(105 ب) مثلته قمرا عليه سحابة ... من زوره (?) فيها البروق ترجرج