(76 ب) عنك أن عندنا أهل جزائر الأندلس وما يحملوا (?) إلينا من الأموال والهدايا، ونحن نسوقهم سوق البقر، ونقتل منهم الرجال ونرمّل النساء، ونستأسر البنات والصبيان، ونخلي منهم الديار. وأنا قد أبديت لك ما فيه كفاية وأبديت لك النصح الى النهاية. فلو حلفت لي بكل الإيمان، ودخلت على القسوس (?) والرهبان وحملت قدّامي الشمع طاعة للصلبان فإنني واصل إليك وقاتلك في أعز البقاع إليك، فإن كانت البلاد لي، فيا هدية حصلت في يدي، وإن كانت البلاد لك والغلبة عليّ، فيدك العليا ممتدة إليّ. وقد عرّفتك وحذرتك من عساكر حضرت في طاعتي، تملأ السهل والجبل، وعددهم كعدد الحصى، وهم مرسولين (?) إليك بأسياف القضا».

قال المؤرخون، فلما وصل السلطان الكتاب وقرأه، تغرغرت عيناه بالدموع، وقال:

إنا لله وإنا إليه راجعون. عند ذلك قام القاضي بهاء الدين الزهير، كاتب الإنشاء واستأذن في كتب الجواب، فأذن له ذلك، فكتب: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد، فإنه وصل كتابك وأنت تهدد فيه بكثرة جيوشك وعدد أبطالك، فنحن أرباب السيوف، وما قتل منا قرن إلا جددناه، ولا بغى علينا باغ إلا دمرناه. ولو رأت عيناك أيها المغرور حد سيوفنا وعظم حروبنا وفتحنا منكم الحصون (77 أ) والسواحل وأخربنا منكم ديار الأواخر والأوائل، لكان لك أن تعضّ على أناملك بالندم، ولا بد أن تزلزل بك القدم في يم أوله لنا وآخره عليك، فهنالك تسيء بك الظنون {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (?) فإذا قرأت كتابي هذا، [فكن] (?) فيه على أول سورة النحل: {أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} (?) وتكون على آخر سورة ص: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} (?) وتعود الى قول الله تبارك وتعالى، وهو أصدق القائلين: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصّابِرِينَ} (?) وقول الحكماء: «إن الباغي له مصرع، وبغيك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015