الإمام الناصر في سنة ثلاث عشرة وستمائة، وبقي مدة ثم صرف، ثم استقر في وكالة أولاد الإمام الظاهر، ثم لما تولى الإمام المستنصر ولاّه استاداريته بعد وفاة عضد الدين أبي نصر المبارك ابن الضحاك في محرّم سنة سبع وعشرين وستمائة، فقام بأمور الخدم أحسن قيام، ثم ولي الوزارة في سابع عشر شوال (59 ب) سنة تسع وعشرين وستمائة. وعرض له ألم مفاصل بعد خمس سنين من ولايته، امتنع بها من القيام والحركة، ولم يزل مبجلا مكرما الى حين وفاته في ليلة الجمعة سادس ربيع الأول، فتقدم الأمر لكبار الدولة وأعيان الأمراء والقضاة، ومشايخ الصوفية والربط والصدور والحجاب والأعيان والأماثل بالحضور الى جامع القصر، فحضروا ثم غسل الوزير المذكور وتولى غسله المدرس بالنظامية، نجم الدين عبد الله البادرائي (?)، ثم حمل تابوته مغشّى وبين يديه القرّاء والحجاب والنواب والكتّاب والدوادارية، ثم صلى عليه أبو طالب الحسين ابن المهتدى (?) نقيب النقباء، ثم حملت الجنازة وأدخلت باب العربة (?) المستجدة، وجعلت في شباره (?) وشيعها كافة أرباب الدولة والصدور، واستاذ الدار مؤيد الدين ابن العلقمي، ودفن بتربته بالمشهد الكاظمي (?). وكان أديبا فاضلا كاتبا مترسلا للرعايا حافظا وللعلماء رافعا. وكان صالحا عفيفا متواضعا دينا قارئا للقرآن رحمه الله تعالى.
وفيها مات نجم الدين ابن سلام (?)، واسمه الحسن بن سالم ابن سلام. كان أبوه من أكابر عدول دمشق، يدعى بالشيخ الأمين، ونشأ نجم الدين على ما كان أبوه [أولا] (?)، وكان ذا مروءة وعصبية، وكان جوادا [سخيا] (?) كريم الأخلاق حسن العشرة، يحب الصالحين ويزورهم ويبرهم. وله في شهر رمضان دار ضيافة لا يمنع منها أحدا. وتغيرت أحواله في آخر عمره، فإنه دخل في أشياء (60 أ) لا تليق بأبناء جنسه للطمع في الدنيا.