ما ينقضي يوماً شهير نواله ... إلا وأتبعه بآخر أشهر

هذا الذي صدع القلوب مهابة ... وأذل كل عملس وغضنفر

هذا الذي غمر الأنام سماحة ... من جوده الطائي الجليل الأبهر

هذا الذي حاز المكارم قعساً ... وسواه يلطم خد حزن أقفر

هذا نظام الدين وابن نظامه ... نسب يؤول إلى النبي الأطهر

لمعت أسره نوره في وجهه ... فازور عنها كل لحظ أخزر

يجلو لنا من حلمه في حومه ... أخلاق أحمد في بسالة حيدر

بينا تراه مصدراً في دسته ... ملكاً تراه فوق صهوة أشقر

أربيب حجر المكرمات وربها ... ورضيع ثدي العارض المثعنجر؟

لله جدك أي مجد حزته ... فشأُوت كل مقدم ومؤخر

أنت الذي أحرزت كل فضيلة ... ووردت بحر الفضل غير مكدر

ظمئت أماني الرجال إلى العلى ... فوردت منهلها ولما تصدر

وإليكها غراء قد أبرزتها ... تجلى بشكرك في ندي المحضر

أحكمت نظم قريضها فتناسقت ... كالعقد يزهى في مقلد جؤذر

يزهو بمدحك نشرها فكأنني ... أذكيتها منه بمسك أذفر

ما ضاع نشر ثنائها في مجلس ... إلا تفتق عن زكي العنبر

واسلم علي درج المعالي راقياً ... بأجل أخبار وأصدق مخبر

وأثبت لأبيه عدة أشعار رائقة فمنها في الغزل قوله:

مثير غرام المستهام ووجده ... وميض سرى من غور سلع ونجده

وبات بأعلى الرقمتين التهابه ... فظل كئيباً من تذكر عهده

يحن إلى نحو اللوى وطويلع ... وبانت نجد والحجاز ورنده

وضال بذات الضال مرخ غصونه ... تفيأه ظبي يميس ببرده

كثير التجني ذو قوام مهفهف ... صبيح المحيا لا وفاء لوعده

يغار إذا ما قيمت بالبدر وجهه ... ويغضب إن شبهت ورداً بخده

مليح تسامى بالملاحة مفردا ... كشمس الضحى كالبدر في برج سعده

ثناياه برق والصباح جبينه ... وأما الثريا قد أنيطت بعقده

فمن وصله سكنى الجنان وطيبها ... ولكن لظى النيران من نار صده

تراءى لنا بالجيد كالظبي تالعاً ... أسرى الهوى في حكمه بعض جنده

روى حسنه أهل الغرام وكلهم ... يتيه إذا ما شاهدوا ليل جعده

يعلم علم السحر هاروت لحظه ... ويروي عن الرمان كاعب نهده

مضاء اليمانيات دون لحاظه ... وفعل الردينيات من دون قده

إذا ما نضاعن وجهه البدر حجبه ... صبا كل ذي نسك ملازم زهده

بروحي محيا قاصر عنه كل من ... أراد له نعتاً بتوصيف حده

هو الحسن بل حسن الورى منه مجتدى ... وكلهم يعزى لجوهر فرده

وما تفعل الراح العتيقة بعض ما ... بمبسمه بالمحتسي صفو ورده

وأورد له أيضا في النسيب قوله:

سلا بطن والغميم وموزعا ... متى اصطافها ظبي النقا وتربعا؟

وهل حل من شرقيها أرض هجلة ... وهل جادها مزن فسال وأمرعها؟

سقى تلك من نوء السماكين بكرة ... سحائب غيث مربعاً ثم مربعا

تظل الصبا تحدو بها وهي سجم ... وتنزلها سهلاً وحزناً وأجزعها

فتلك مغان لا تزال تحلها ... خدلجة الساقين مهضومة المعا

ربيبة خدر الصون والترف الذي ... يزيد على بذل الليالي تمنعا

تروت من الحسن البهي خدودها ... وقامتها كالغصن حين ترعرعا

قطوف الخطا مثل القطا حينما مشت=تقوم بأرداف يحاذين لعلعا وأورد لأبن عمه السيد أحمد بن مسعود بن شريف مكة المشرفة الشريف حسن بن الحسني, فقال في حقه: هو نابغة بن حسن، وباقعة الفصاحة, واللسن السحاب ذيل البلاغة على سحبان، والسائر بأفعاله وأقواله الركبان، ومن جيد شعره قوله:

حنت فأبكت ذات شكل حنون ... وغنت الورق بأعلى غصون

وهينمت مسكية ذيلها ... عطره نشر طوى والحجون

وشق برد الليل برق فما ... ظننته إلا حسام الجفون

كأنه مذ شق قلب الدجى ... جبين ليلى في دياج القرون

فقمت كالهادر في شوقه ... لم أدر ما بي فرح أم جنون

وأسل الدمع نجيعا على ... خدي فيجري أعينا من عيون

فلم أخل نوما ولا مجثماً ... وموقدا أو علما في دمون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015