3- الجرح بالتدليس، فغالب المعاصرين في مناهجهم المكتوبة التي كما سبق وأشرت أنها نظرية أكثر منها عملية، فتراهم يجرحون الراوي إذا عرف بالتدليس، مع أن هذا القول ينم عن عدم ممارسة لعلم الحديث فالتدليس نوع من أنواع المنقطع الخفي، وإنما ضعف حديث بعض المدلسين لاحتمال الانقطاع فإن صرح بالسماع - إذا كان ممن يحتاج إلى تصريح بالسماع - اندفع هذا الاحتمال وقبل حديثه، ولا يخفى على شريف مسامعكم أنه ليس كل من وصف بالتدليس بحاجة إلى تصريح بالسماع، فهذه المسألة لها ضوابط عدة تربو على الثلاثين جمعتها في كتابي روايات المدلسين في صحيح البخاري، وما أريد أن أشير إليه هنا أن التدليس طعن في المروي لا في الراوي إلا فيمن تعمد تدليس التسوية عند البعض، وأما التعميم بجعل كل مدلس مجروحا بتدليسه يجرنا إلى تجريح عدد كبير من الرواة لم يجرحهم غيرنا بل منهم من هو من رجال البخاري ومسلم، وهذا لم يقل به أحد لأن التدليس طعن في شرط الاتصال وبالتالي ليس طعنا في العدالة ولا الضبط فكيف نجرح الراوي أو نتهم عدالته أو ضبطه إذا فقد الحديث الشرط الأول من شروط الصحة وهو الاتصال.
4- المعلق: فترى في بعض المناهج من يجعله مشتركا بين الصحيح والحسن والضعيف مع كون المعلق نوعا من أنواع المنقطع، فبعضهم يخلط بين مصطلح المعلق وبين معلقات صحيح البخاري، التي هي مشتركة بين الأنواع الثلاثة بعد أن غلقها الحافظ في تغليق التعليق، بل منهم من يخلط حتى في معلقات صحيح البخاري عندما يتحدث عنها في مبحث المعلق فتراه يصحح كل حديث علقه البخاري بصيغة الجزم، والصواب أنه صحيح إلى من علقه عليه فقط وأما باقي السند فيحتمل الحسن والصحة والضعف.
ختاما:
هذه نماذج فقط للتمثيل والتدليل لا أكثر.
وما كل ما فيه من الشر قلته وما كل مافيه يقول الذي بعدي