قال الشيخ شاكر رحمه الله في الباعث (ذهب ابن الصلاح إلى أنه قد تعذر في هذه الأعصار الاستقلال بادراك الصحيح بمجرد اعتبار الإسناد ومنع - بناءً على هذا - من الجزم بصحة حديث لم نجده في أحد الصحيحين ولا منصوصاً على صحته في شئ من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة، وبنى على قوله هذا: إن ما صححه الحاكم من الأحاديث ولم نجد فيه لغيره من المعتمدين تصحيحاً ولا تضعيفاً حكمنا بأنه حسن، إلا أن يظهر فيه علة توجب ضعفه، وقد ردّ العراقي وغيره قول ابن الصلاح هذا، وأجازوا لمن تمكن وقويت معرفته أن يحكم بالصحة أو بالضعف على الحديث بعد الفحص عن إسناده وعلله، وهو الصواب.
قال الشيخ شاكر: (والذي أراه أن ابن الصلاح ذهب إلى ما ذهب إليه بناءً على القول بمنع الاجتهاد بعد الأئمة، فكما حظروا الاجتهاد في الفقه أراد ابن الصلاح أن يمنع الاجتهاد في الحديث، وهيهات، فالقول بمنع الاجتهاد قول باطل، لا برهان عليه من كتاب ولا سنة، ولا نجد له شبه دليل) (?) .
وقد ذكر الإمام الكتاني في رسالته بعد سرده للكتب من بعد الصحيحين وما فيها من أنواع الحديث قوة وضعفاً قال: (وحينئذٍ لابد من النظر في أحاديث كل ليحكم على كل واحد منها بما يليق) (?) .