أما إذا استطعنا تذليل صعوبات ووعورة المصطلحات ... فنحتاج بعد إلى صياغة علمية متقنة وفي الوقت نفسه ميسرة لدارسي هذا العلم وأيضا نرى - والله اعلم - ان يقوم بذلك فريق من العلماء أهل الاختصاص يكمل بعضهم بعضاً ولننظر في كلام الشيخ رشيد رضا في تقديمه لكتاب (قواعد التحديث) للإمام القاسمي قال: (ليتني كنت أملك من وقتي الحاشك بالضروريات، الحاشد بالواجبات، فرصة واسعة أو نهزاً متفرقة في شهر أو شهرين أقرأ فيها هذا السفر النفيس كله، فأتذكر به من هذا العلم ما لَعَلي نسيت، وأتعلم مما جمعه المؤلف فيه ما جهلت، فهو الحقيق بأن يقرأ ماكتب، ويحصي ماجمع، لتحريه النفع، وحسن اختياره في الجمع، وسلامة ذوقه في التعبير والتقسيم والترتيب والوضع، وبلغ في مصنفه هذا سدرة المنتهي من هذا العلم الاصطلاحي المحض، الذي يوعي بكد الحافظة، ويستنبط بقوة الذاكرة، فلا يستلذه الفكر الغواص على حقائق المعقولات، ولا الخيال الجوال في موارد الشعريات، ولا الروح المرفرف في رياض الأدب أو المحلق في سماء الإلهيات - إذ جعله كأنه مجموعة علوم وفنون وأدب وتاريخ وتهذيب وتصوف، مصطفاة كلها من علم حديث المصطفى صلوات الله عليه وعلى آله، ومن كتب طبقات العلماء المهتدين به، كأنه قرص من اقرص إبكار النحل، جنته من طرائف الأزهار العطرية، ومجت فيه عسلها المشتار من طوائف الثمار الشهية، فلعل الظمآن لهذا العلم لا يجد فيه كتاباً تطيب له مطالعته كله، فينهله ويعله ولا يمله، كأنه أقصوصة حب أو ديوان شعر اللهم إلا هذا الكتاب) (?) .