* ويكلف بتدريس كتاب مقرر لا يخرج عنه علما أنه قد لا يفي بالغرض من جهة، ومن جهة ثانية قد تكون فيه أخطاء علمية، أو معلومات قديمة لا تواكب مستجدات البحث العلمي. بهذه الكيفية، لا يستفيد أحد من خبرته وإنما يكون مجرد مردد لأقوال غيره، وبكلمة أخرى مجرد مدرس، بينما المطلوب في الأستاذ أن يكون باحثا. وعلماء الحديث عندما يدرسون كتابا لأحد العلماء لا يقفون عند حدود نقل ما قال، بل يشرحون أقواله ويوجهونها وينكتون عليه ببيان جملة من اللطائف مما يفتح آفاق الطالب ويتعود بذلك على القراءة النقدية الرصينة، ويتعود كتابة الطرر والحواشي على الكتاب الذي يدرسه تكون بدورها نواة لكتاب جديد، وقد يعتني بجمع أقوال شيخه ويجعلها في كتاب فيكون بذلك مشاركا وفعالا في العملية التعليمية التي يمثل المحور الأساس فيها. والمكتبة الحديثية زاخرة بمثل هذه الأعمال التي ألمعنا إليها أمثال سؤالات محمد بن عثمان لعلي، وسؤالات أبي عبيد لأبي داود، وسؤالات ابن أبي شيبة، والشروح التي وضعها العلماء على الكتب التي كانوا يدرسونها مع تعليقاتهم عليها نثرا أو شعرا، وما شروح مقدمة ابن الصلاح عنا ببعيدة والمنظومات التي وضعها العلماء في سبيل ذلك مما لا يجرؤ أحد على الطعن في جودتها، علما بأن لكل زمان رجاله.