إنني أكاد أجزم - من موقع التجربة - أن الطالب يأخذ معلوماته من المصدر أو المرجع أخذ المسلم المستسلم، حيث لا يكلف نفسه عرض أفكار الكتاب على ما ألف قبله أو بعده.
وقد يكتفي الطالب بمحاضرات أستاذه، ويعتبرها من المسلمات التي لا تقبل المناقشة أو المذاكرة. وهذه آفة تذهب بنور العلم وضيائه.
وهذا يسوقنا إلى محطة أخرى نتساءل فيها عن الوقت المناسب الذي يأخذ الطالب فيه الحديث.
متى يأخذ الطالب الحديث وعلومه؟
لا شك أن علماءنا قد فطنوا لهذا المنهج، وتباينت وجهات نظرهم حسب بيئاتهم العلمية.
قال موسى بن هارون:» أهل البصرة يكتبون لعشر سنين وأهل الكوفة لعشرين وأهل الشام لثلاثين « (?) .
وقال نعيم بن يعقوب:» سمعت أبا الأحوص يقول: (كان الرجل يتعبد عشرين سنة ثم يكتب الحديث) « (?) .
وقال أبو عبد الله الزبيري:» يستحب كتب الحديث من العشرين لأنها مجتمع العقل ... وأحب إلي أن يشتغل دونها بحفظ القرآن والفرائض « (?) .
إلا أننا في عصرنا هذا، عصر الشواهد الإدارية، صار من المستحيل ضبط الصالح من طلاب العلم الشريف من غيرهم، وتمييز من يكون أهلا للطلب ممن ليس بأهل لذلك.
واقع طلب الحديث:
في غياب المنهج العلمي الذاتي، أفرز الواقع التعليمي المظاهر الآتية:
أ - ضعف المحصول الحديثي لدى الطلاب؛ وهذا يستوجب العمل على إنماء هذا المحصول بالمناهج العلمية الذاتية (لا المستوردة) .
ب- غياب طرق أخذ العلم:» أول العلم السماع ثم الإنصات ثم الفهم ثم الحفظ ثم النشر والتبليغ «.
ج - كثرة مواد الوحدة أو الشعبة.
د - اختلاف مناهج تقديم الدرس من قبل المحاضر أو الأستاذ، يؤدي إلى تباين مواقف الطلبة من محبة الحديث الشريف، ومما لا شك فيه أن محبة العلم هي أول خطوة ناجحة في درب فهم هذا العلم والارتواء من معينه. (ومن كره شيئا عاداه) .