1 ـ أن بعض المتأخرين تساهلوا في تقوية الأحاديث، فإذا اجتمعت عندهم طرق كثيرة للحديث ولو كانت غير معتبرة - يعني غير صالحة للانجبار - كأن يكون في أسانيدها من هو متروك أو متهم أو هي واهية شديدة الضعف فإنهم يقوون الحديث بذلك فيصححونه أو يحسنونه، ومن هذا القبيل ما أشرت إليه سابقاً من تصحيح السيوطي لحديث: ((إذا بعثتم بريداً فابعثوا حسن الوجه حسن الاسم)) ، ويقع له من هذا النوع في كتابه اللآلي المصنوعة.
وابن حجر رحمه الله شدد في هذا في النزهة فقال: ((ومتى توبع السيء الحفظ بمعتبر كأن يكون فوقه أو مثله لا دونه..)) (?) فلاحظ أنه لم ير التقوية بالأدني ونقل الدكتور المرتضى عنه أن الحديث الذي ضعفه ناشئ عن تهمة أو جهالة إذا كثرت طرقه ارتقى عن مرتبة المردود والمنكر الذي لا يجوز العمل به بحال إلى رتبة الضعيف الذي يجوز العمل به في فضائل الأعمال.
ونقل عن ابن كثير، قال: قال الشيخ أبو عمرو: لا يلزم من ورود الحديث من طرق متعددة أن لا يكون حسناً لأن الضعيف يتفاوت، فمنه ما لا يزول بالمتابعات كرواية الكذابين والمتروكين، ومنه ضعف يزول بالمتابعة كما إذا كان راويه سيء الحفظ أو روي الحديث مرسلاً فإن المتابعة تنفع حنيئذ ويرفع الحديث عن حضيض الضعف إلى أوج الحسن أو الصحة (?) .
أقول: وبهذا يتبين خطأ طريقة بعض المتأخرين من التقوية بكثرة الطرق ولو كانت واهية.
2 ـ الحديث إذا تلقته الأمة بالقبول وهو ضعيف هل يقوى عن ضعفه؟
تعرض الدكتور المرتضى لهذه المسألة ورجح أنه لا يرتفع عن ضعفه (?) .