ومن هذا الباب أيضاً حديث: ((في كل أرض آدم كآدمكم)) وقد سبق الكلام عليه في المبحث السابق. ومن ذلك أيضاً أن يكون متن الحديث سمج المعنى أو مخالفاً للقرآن فيعلّونه بذلك مثل ما ورد: ((عليكم بالعدس فإنه مبارك يرقق القلب ويكثر الدمعة قُدس فيه سبعون نبياً)) فهذا أعله الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله فقال لما سئل عنه: أرفع شيء في العدس أنه شهوة اليهود ولو قدّس فيه نبي واحد لكان شفاء من الأدواء فكيف بسبعين نبياً؟ وقد سماه الله ((أدنى)) ونعى على من اختاره على المن والسلوى وجعله قرين الثوم البصل (?) . فانظر كيف أعلّ ابن المبارك هذا القول لسوء معناه ومخالفته لكتاب الله.
ونقد المتون عند المتقدمين بابه واسع وأمثلته كثيرة، وقد اعتنى به وألف فيه شيخنا الدكتور مسفر غرم الله الدميني في كتابه الجيد: ((مقاييس نقد متون السنة)) فليراجع.
وبعد هذا فإنك تعجب أن تجد من المتأخرين من يصحح الأحاديث أو يحسنها مغفلاً هذا الجانب كما تراه كثيراً عند السيوطي في كتابه اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، فمن ذلك أنه قال في حديث: ((إذا بعثتم بريداً فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم)) قال: وهذا الحديث في معتقدي حسن صحيح وقد جمعت طرقه في جزء (?) ،وأيضاً قد حسنه المناوي (?) مع ما يظهر في متنه من نكارة بل إن الحافظ ابن القيم أورده في المنار المنيف وقال: وفيه عمرو بن راشد، قال ابن حبان: يضع الحديث، وذكره أبو الفرج بن الجوزي في الموضوعات (?) . وقال الهيثمي: رواه البزار والطبراني في الأوسط وفي إسناد الطبراني عمر بن راشد وثقه العجلي وضعفه جمهور الأئمة وبقيةرجاله ثقات، وطرق البزار ضعيفة (?) . فمثل هذا كيف يصحح.