وإلى هذا يشير ابن رجب رحمه الله في قوله: وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد، وإن لم يرو الثقات خلافه إنه لا يتابع عليه، ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضاً ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه (?) .

أقول: إنما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار لقرائن ودلالات ظهرت لهم، وكلام ابن رجب رحمه الله كلام محقق مدقق مارس كلام المتقدمين وخبره.

ولهذا أمثلة كثيرة، ومن تأمل كتب العلل وكامل ابن عدي وجد من ذلك كثيراً، فمن ذلك أحاديث أنكرها ابن عدي على إسماعيل بن أبي أويس رواها عن خاله مالك بن أنس وقال: لا يتابع عليها وإسماعيل ثقة مخرج له في الصحيحين وغيرهما (?) .ومن أمثلته أيضاً تفرد عمروبن أبي عمروعن عكرمة عن ابن عباس بحديث ((إن رأيتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به)) رواه الأربعة وأحمد وقد أنكره عليه ابن معين والنسائي وغيرهم مع أنه ثقة احتج به الجماعة (?) . ومن ذلك أيضاً تفرد قتيبة بن سعيد عن الليث بحديث معاذ في الجمع بين الصلاتين في السفر، فقد أعلّه البخاري وأبو حاتم وأبو داود بذلك وتوسع في بيان ذلك الشيخ الدكتور حمزة المليباري في كتابه (?) فليراجع.

وهناك في هذا الباب حالة ثالثة أشار إليها الذهبي وهي أن يكون المتفرد من الطبقات المتأخرة بعد انتشار الرواية (?) .

زيادة الثقة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015