ثم يعرّف الموافقة بقوله:» هي أن يروي الراوي حديثاً في أحد الكتب الستة مثلاً بإسناد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب بحيث يجتمع معه في شيخه مع علوّ هذا الطريق على ما لو رواه من طريق أحد أصحاب هذه الكتب «.

ثم يحاول عرض مثال تطبيقي للموافقة نقلاً عن ابن حجر فيقول:» قال الحافظ ابن حجر: مثاله: روى البخاري عن قتيبة بن سعيد عن مالك حديثا:

ـ فلو رويناه من طريقه [أي من طريق البخاري] كان بيننا وبين قتيبة ثمانية.

ـ ولو روينا ذلك الحديث بعينه عن طريق أبي العبّاس السرّاج [218 - 313هـ تلميذ البخاري وتلقّى عنه البخاريّ ومسلم] لكان بيننا وبين قتيبة فيه سبعة.

فقد حصلت لنا الموافقة مع البخاريّ في شيخه بعينه مع علوّ الإسناد بدرجة «.

فهذا المثال ولئن كان مقبولاً نظرياً إلا أنّ تطبيقه على الواقع يبدو عسيراً إن لم يكن متعذراً:

فما هو هذا الحديث الذي رواه البخاري عن قتيبة بن سعيد عن مالك؟

وما هو هذا السند الذي لو روينا الحديث به عن طريق البخاريّ لكان بيننا وبين قتيبة بن سعيد ثمانية؟ ومن هم هؤلاء الثمانية؟

وما هو السند الذي إذا روينا به الحديث بعينه عن أبي العبّاس السرّاج كان بيننا وبين قتيبة فيه سبعة؟ ومن هم هؤلاء السبعة؟

أسئلة لا يتأتّى فهم المثال التطبيقي للتعريف إلا بالإجابة عنها بوضوح.

وما يقال في الموافقة يقال في الإبدال وفي المساواة، والمصافحة.

وجلّ أنواع علوم الحديث وإن قتلت بحثاً نظرياً من حيث تعريفها وبيان أنواعها، واستعراض أقوال العلماء فيها، إلا أنّها تعاني من شحّ الأمثلة التطبيقية وإن وجدت فالكثير منها أمثلة تقديرية غير قابلة للتطبيق، فأضحت مشوبة بعدم الوضوح المطلوب.

وبعد:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015