رتّب الإمام الطبرانيّ معجمه الكبير على الصحابة فقد جمع حديث كلّ صحابيّ على حدة سوى مسند أبي هريرة فكأنّه نوى إفراده فلم يدخله فيه، فهو بالمسانيد أولى إلا أنّه اشتهر عند العلماء بالمعجم.
شُحُّ التمثيل وعسر التطبيق:
إنّ كتب المصطلح المتداولة بين أيدي طلاب العلم تتّسم بندرة التمثيل على أنواع من علوم الحديث المدروسة في تلك الكتب فغلب عليها الطابع النظريّ، والحال أنّه ينبغي أن يقوم هذا العلم على أساس التطبيق لواقع ما يدرس من موضوعاته حتى تكون واضحة المعالم.
فهذا ابن الصلاح يعرّف الصحيح ويذكر ما يحترز بكل شرط من شروطه، وسبب اختلاف العلماء في صحّة بعض الأحاديث، وينتقل إلى ذكر جملة من الفوائد المهمة، دون أن يذكر مثالاً واحداً (?) ليطبق عليه التعريف وملحقاته من الفوائد.
ونفس الصنيع سلكه الإمام النوويّ في التقريب، وحتّى الإمام السيوطيّ رغم توسّعه في شرح التعريف وبيان محترزاته وذكره جملة من التنبيهات المفيدة إلا أنه لم يورد مثالاً واحداً على الصحيح.
وفي موضوع الحسن رغم تنوّع قضاياه ومسائله فإنّ مثالاً تطبيقياً واحداً لم يطرحه أحد ممّن درسوه رغم كثرتهم بداية من الترمذيّ فالخطابيّ فابن الصلاح، وحتى الإمام السيوطيّ رحمهم الله، وإذا قيل إنّ الصحيح لذاته والحسن لذاته يمكن تعرّفهما بنظرة سريعة في كتب الصحاح والسنن، فإنّ الصحيح لغيره والحسن لغيره يحتاجان لدراسة وتدبّر لمعرفة موطن الضعف ثم الوقوف على المتابعات التي تجبر هذا الضعف حتى يرتقي الحديث الحسن إلى الصحيح لغيره والضعيف إلى الصحيح لغيره أو إلى الحسن لغيره.