وممّا يجدر التنبيه إليه وجود بعض العبارات الموهمة التي أطلقها بعض العلماء للدلالة على معانٍ خاصّة بهم كعبارة» المنكر «مثلاً الذي هو ما رواه الضعيف مخالفاً ما رواه الثقة «، فإنّ الإمام أحمد يطلقها على من يُغرب على أقرانه في الحديث بأن يأتيهم بالغرائب فيقول عنه» منكر الحديث « (?) أو» له أحاديث مناكير «فهو لا يعني بذلك تضعيفه وإنّما يطلق المناكير على الأفراد التي لا متابع لها، أي الأحاديث الغريبة غير المعروفة، وكأنّه رحمه الله اعتمد المعنى اللغوي للمنكر وهو النكرة غير المعروف.
بينما الإمام البخاري حين يطلق» منكر الحديث «فإنّما يريد بذلك الراوي الذي لا تحلّ الرواية عنه (?) ، فالعبارة واحدة إلا أنّ كلا منهما يستخدمها للتعبير عن معنى مختلف.
ويستخدم بعض المحدّثين نفس العبارة» منكر الحديث «أو» يروي المناكير «للتدليل على كثرة تفرّد الراوي، في حين إذا قالوا» حديث منكر «فإنّهم يقصدون أنّه حديث واهٍ، رواه ضعيف مخالفاً الثقة.
وكعبارة» ليس بشيء «فإنّ يحيى بن معين [ت 234هـ] يستخدمها للتدليل على قلّة حديث الراوي لا لتضعيفه.
أمّا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي [ت277هـ] فإنّه إذا أطلق على راوٍ عبارة» ليس بشيء «فيريد أنه ضعيف ضعفاً شديداً وأنه متروك متّهم، حتّى أنّه أحياناً يضيف إلى عبارة» ليس بشيء «قوله:» متروك الحديث «مثلما فعل ذلك مع سليمان بن داود الشاذكوني فقد قال عنه:» ليس بشيء، متروك الحديث « (?) .
أمّا عبارة» ليس به بأس «فإن يحيى بن معين [ت 234هـ] يطلقها على الثقة فقد قال رحمه الله: إذا قلت:» ليس به بأس، فثقة «. بل فإن الإمام أبا حاتم محمد بن إدريس الرازي [ت 277هـ] يعبّر بقوله:» صدوق «أو» لابأس به «عن أعلى درجات التوثيق.