إنما وضع هذا العلم لتضبط مفرداته ضبطا دقيقا، وتحصر وتقصر وفق حدود تمنع الاشتراك وتدفع التداخل وإذا ساغ سرد جميع هذه التعريفات وتسجيلها بتفاصيلها في مرحلة الدراسات العليا لمعرفة التدرج العلمي لقواعد المصطلح ودراسة مناهج أصحابه فإنه لا يجوز ولا يقبل بحال في المرحلة الجامعية، ولا في المصنفات التي تكتب لعموم المثقفين والمختصين بغير علم الحديث، بل الأصل أن تعرف المصطلحات الحديثية تعريفا نهائيا قطعيا يحسم الخلاف والتردد وفق ما استقر عليه الاصطلاح ومشى عليه جمهور المحدثين.
خامساً: ضبط تعريف المرسل الخفي:
وهو نوع مهم، عميق المسالك، لم يتكلم فيه قديماً وحديثاً إلّا نقاد الحديث وجهابذته (?) .
تعريف المرسل الخفي:
وقد اختلفت آراء العلماء في تعريف (المرسل الخفي) اختلافا كثيرا (?) ورجح الإمام السخاوي تعريف ابن حجر له، فقال: ((بل هو على المعتمد في تعريفه، حسبما أشار إليه شيخنا - ويعني ابن حجر العسقلاني -: الانقطاع في أي موضع كان من السند بين راويين متعاصرين لم يلتقيا، وكذا لو التقيا ولم يقع بينهما سماع، فهو انقطاع مخصوص، يندرج في تعريف من لم يتقيد في المرسل بسقط خاص ... )) (?) .
وقد رأيت أن أنتهج لنفسي منهجا اصطلاحيا جديدا يلتقي مع مناهج المتقدمين في الفحوى، قصدت فيه الدقة الزائدة في الاصطلاح والعبارة، وغرضي من ذلك أن أضبط الاصطلاح ضبطا موافقا لمسماه، ومطابقا لفحواه فجعلت (المرسل الخفي) مقصورا على رواية التابعي عن الصحابي الذي عاصره، ولم يسمع منه، أو لم يعاصره، وروى عنه. فإن الذي استقر عليه الحفاظ - سيما في أزمنتنا المتأخرة - استعمال صيغة (الإرسال) في الحديث الذي سقط منه الصحابي.
قال الإمام طه بن محمد البيقوني: