استغرق الحافظ ابن حجر سبع صفحات من الكلام المتواصل في نكته على كتاب ابن الصلاح (?) في إطار الحديث عن تعريف المرسل وانتهى من اختلاف تعاريف الأئمة له أنه على أربعة أوجه، ثم ساقها، ثم ساق أقوالا أخرى مما حكاه الفقهاء والأصوليون في تعريفه. ثم انتهى من كل ذلك بقوله في تعريفه تعريفا جامعا مانعا: ((ما أضافه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم مما سمعه من غيره)) (?) وهذا يكفي في حسم الأمر، واستقرار الاصطلاح.
كما أن الخوض في حكم الحديث المرسل من حيث القبول والرد قضية ذات شجون، وظلت كذلك لوقوع الاختلاف في المناهج والطرائق إلى يومنا هذا. والأمر قد حسم عند المحققين من مئات السنين إلا أنه يحلو لكثير ممن صنف في علوم الحديث أن يعود إلى جميع هذه الآراء المتشابكة والمتعارضة فيسردها على الطلبة الناشئين بطريقة مملة مربكة منفرة. بيد أن حكم الحديث المرسل ليس هو محور حديثنا هنا.
وقد عَرَّفَ البيهقي الحديثَ المرسل من حيث الاصطلاح بأنه: ((كل حديث أرسله واحد من التابعين أو الأتباع، فرواه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر مَن حمله عنه)) (?) .
ومن هذا التعريف الصريح يتبين لنا أن البيهقي يتوسع في نظرته إلى ((المرسل)) ، ويُعطيه مدى أبعد، شأنه في ذلك شأن جمهور المتقدمين من الفقهاء والأصوليين، وبعض أهل الحديث، إذ يعممون التابعين وغيرهم (?) .
2- أنواع الحديث التي تدخل في مسمى المرسل:
ومن خلال الاستقراء والتتبع وجدتُ الإمام البيهقي ومن سبقه من الأئمة المتقدمين وبعض من عاصره أو جاء بعده يطلقون المرسل على:
حديث التابعي، كبيراً كان أم صغيراً.
حديث تُبَّعِ الأتباع.
الحديث المنقطع.
الحديث غير المرفوع، كالموقوفات.