وتولى تدريس اللغة العربية من لا يتقن قراءة نصف صفحة قراءة سليمة خالية من الأخطاء، فالمرض استشرى، والبلاء عم، بسبب هذه المناهج، وفي ذلك يقول الدكتور محمود الطناحي -رحمه الله تعالى- (?) : (وهاهي نُذُر الفتنة قد أطلت برأسها، فلن يستطيع أحد مهما غلا في تقدير كليته أو معهده أن يزعم أن طالباً متخرجاً في هذا المعهد، أو تلك الكلية يستطيع الآن أن يقرأ سطراً من كتاب سيبويه، فضلاً عن أن يفهمه، أو يحل رموزه، وإذا لم يستطع خريج كلية تعنى باللغة العربية وآدابها أن يقرأ سيبويه، فمن ذا الذي يقرؤه؟ وإذا لم يقرأه في سني دراسته فمتى يقرؤه) . فالعلاج الناجع ينبغي أن يكون شاملاً ليس فقط لعناصر العملية التعليمية، بل لأنظمة التعليم أيضاً، وألا يقتصر العلاج على حل مشكلة علم واحد وإهمال بقية العلوم المرتبطة به، فإن العلوم الشرعية والعربية كالجسد الواحد لايجوز علاج عضوٍ من أعضائه على حساب سائر الأعضاء.
إن الحلول التي ذُكرت أولاً حلول جزئية، لا تعالج المشكلة جذرياً، وينبغي أن نطمح وننشد إصلاحاً عاماً.
لقد آن الأوان-أيها الإخوة-لإعادة رسم خطط ومناهج التعليم الجامعية في التخصصات الشرعية والعربية بما يتلاءم مع طبيعتها، وعدم إخضاعها لأنظمة التعليم الغربية الغريبة عنها، فيخصص لكل علم الساعات التي تؤهل الطالب لحمله وتدريسه حقيقة، ولو أدى هذا التخطيط إلى زيادة عدد السنوات في المرحلة الجامعية، فهذا ليس بدعاً فهناك تخصصات علمية تزيد عدد سنواتها على أربع، فلماذا لم يلزم أهل هذه التخصصات بسنوات أربع؟ والجواب أن طبيعة هذه العلوم ودقتها لا تكفيها تلك المدة لتأهيل الطالب، وكذلك العلوم الشرعية ينبغي للمختصين وحدهم أن يحددوا عدد السنوات التي تؤهل الطالب من غير ممارسة أي ضغط عليهم.