سادساً: إن كثيراً من الآراء ترى أن الحل يكمن بزيادة عدد الساعات، وإني إذ أتفق معها، إلا أني أرى عدم إمكانية التنفيذ كما نرجو، لاصطدامه بمقررات العلوم الأخرى فأصحابها يشكون -أيضاً- من قلة ساعاتها، وكثرة موضوعاتها فلن يمدونا بشيء، وأهل كل علمٍ يتشبثون بما لديهم من ساعات ويطالبون بالمزيد.
كما لا يجوز أن نحل مشكلتنا على حساب المقررات الأخرى، فتنتقل المشكلة من علم إلى آخر فنقع في حلقة مفرغة.
تلك مجمل الحلول لإزالة صعوبة فهم علوم الحديث عند الطلبة، وهي حلول موجهة إلى عناصر العملية التعليمية الأربعة المؤلفة من الطالب، والأستاذ، والمنهاج المقرر، والكتاب المقرر، وإذا تمت الإصلاحات فيها فلن نسمع-بإذن الله تعالى- بعد ذلك بشكوى الطلبة من صعوبة هذا العلم، ولا بتبرمهم وضجرهم منه.
ولكن هل الظروف الحالية لنظام التدريس الجامعي تساعد على تطبيق جميع هذه الحلول؟ إني أشك في إمكانية تحقيق ذلك.
وسبب هذا الشك أننا - نحن الأساتذة المتخصصين - محكومون في تدريسنا لعلوم الدين الإسلامي عموماً بنظام التعليم الغربي الذي يطبق في جامعاتنا، وهذا النظام مقيد بسنوات محدودة، وساعات معدودة، يمنح الطالب بعد إنجازها شهادة تفيد أنه صار أهلاً لتدريس هذه العلوم، أو للتصدي للإفتاء، أو الدعوة إلى الله تعالى، مع يقيننا أن جملة هؤلاء ليسوا أهلاً لما رُشحوا له، لقلة حصيلتهم العلمية، وتدني مستواهم العام.
إن هذا النظام لم يؤد إلى تدني مستوى الطلبة في علوم الحديث فقط، بل أدى إلى ضعف عام في جل علوم الشريعة كالفقه وأصوله، والتفسير والتوحيد وعلوم العربية كالنحو والصرف والبلاغة واللغة، كما أدى هذا النظام إلى أن تبوأ سدة الفتوى والإرشاد والتعليم أناس يحتاجون إلى توجيه وإرشاد، وإلى أن تجرأ للاجتهاد في النوازل، والترجيح بين أقوال الفقهاء والمفسرين وعلماء العقيدة من لم تجتمع فيه شروط الاجتهاد والترجيح.