كثيراً ما يسند في لبنان تدريس مواد الحديث كالمصطلح والتخريج وأحاديث الأحكام إلى متخصص في الفقه أو التفسير أو غير ذلك، بسبب قلة المتخصصين في علوم الحديث لتغطية التدريس في جميع الكليات والمعاهد في البلد، ومعلوم أن غير المتخصص لا يمكنه اكتشاف الأخطاء الطباعية، والسقط، والتصحيف في الأسماء والمصطلحات، ولا يخلو كتاب مطبوع من هذه الأمور، فيزداد الطين بلة.
وغير المتخصص لا يمكنه زيادة الكتاب إيضاحاً، بل قد يصرف الطلاب عن المقصود الأعظم منه، فإن كان المدرس متخصصاً في الفقه حول حصة الحديث إلى حصة في الفقه، وإن كان متخصصاً في التفسير حولها إلى حصة تفسير، وهكذا حتى لا يشعر الطالب بخصوصية وتميز لعلوم الحديث، فتصير مهمشة في حسابه.
2 ــ تهميش دور علوم الحديث في الكلية والمجتمع:
إن معظم الكليات في لبنان تهمش دور علوم الحديث، وتعتبر هذه المادة ثانوية فتعطى وقتاً قصيراً مثلما تعطى مواد علم النفس والاجتماع والفلسفة.
وبسبب عدم كفاية ساعات التدريس المقررة لعلوم الحديث، فإن الطالب لا يكمل دراسة مادة المصطلح كلها، فيترفع إلى صف أعلى يحتاج فيه في هذه المادة ليفهم أحاديث الأحكام، فلا يفهمها كما ينبغي، لعدم استكماله دراسة أصول الحديث.
ومن جهة ثانية فإن مدرسي المساجد يهملون تدريس الحديث فيها، وقد يدرسون كل شيء إلا الحديث، وهذا يجعل مادة الحديث الشريف غير شعبية بعكس المواد الفكرية الأخرى التي يكثر الاهتمام فيها في الكليات والمساجد ويكثر عقد الندوات والمؤتمرات لأجلها.
ومن تهميش دور علوم الحديث عدم التنسيق بين مدرسي مواد الفقه وتفسير آيات الأحكام وعلوم الحديث، فالموضوعات التي يدرسها الطالب في الحديث يدرسها الطالب في الفقه ويدرسها في تفسير آيات الأحكام.
وهكذا تتكرر المادة الواحدة بأسماء مختلفة، مما يؤدي إلى ملل الطالب وعدم قدرته على التمييز بين المواد.