ثم إن اختلاف الأئمة في تصحيح الحديث أو تعليله، واختلافهم في إطلاقه أو تقييده، وتخصيصه أو العمل بعمومه، أو فهم الأمر فيه على إفادة الوجوب أو السنية أو غير ذلك، كل ذلك يزيد من تشعب المادة وتطويل الكتب المقررة فيها وإياس الطلبة من الإحاطة بها.
وأشير إلى مثال واحد مما اختلف فيه تصحيحاً أو تعليلاً هو حديث القلتين صححه الشافعية والحنابلة وعملوا به، وأعلّه الحنفية والمالكية بالاضطراب سندا ومتنا، ولم يعملوا به. كما أشير إلى مثال واحد مما اختلف في تخصيصه أو بقاء النهي فيه على عمومه هو حديث النهي عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب، فاختلف الأئمة في حكم النوافل في هذه الأوقات اختلافاً كبيراً يصعب على الطالب إحصاؤه.
(ب) المشكلات التي ترجع إلى الكتب المقررة والامتحانات:
1 ـ فصل المصطلح عن الحديث:
لا يمكن فهم معاني أحاديث الأحكام وما يؤخذ منها والحكم عليها بدون معرفة مصطلح الحديث، كما لا يمكن فهم مصطلح الحديث بدون معرفة كيفية تطبيقه على الأحاديث، ومعظم كتب المصطلح لا تربط أصول الحديث النظرية بالتطبيق العملي، فتجدها خالية من الأمثلة الموضحة والتطبيقات العملية، حتى لو وجدت فيها مثالاً فكثيراً ما يكون بعيداً عن أحاديث الأحكام، كما أن معظم كتب شروح أحاديث الأحكام تهمل كيفية دلالة الحديث على الأحكام، فتحرم الطالب من تنمية ملكة التفقه.
بل إن بعض الكليات تختار لتدريس الأحكام أحاديث مجموعة من الصحيحين، فتحرم الطالب من التطبيقات العملية في دراسة أسانيد هذه الأحاديث، لأن أسانيدها صحيحة غالباً.
يقال في هذا المقام: إننا إذا أردنا ترسيخ مصطلح الحديث في أذهان الطلبة، لا بد أن نجعل كتب المصطلح تطبيقية، تعج بالأمثلة التوضيحية والتطبيقات، وكذلك ينبغي أن نجعل كتب شروح الحديث توضح ربط قواعد المصطلح بالأحاديث التي تدرسها هذه الكتب.