ومما يزيد الأمر اعتياصا، وتوعرا أن الممارس للسبر يجد نفسه أحيانا أمام استبهام، وا ستغلاق شديدين، أو تناقض، واضطراب مشتتين، سيما وأن الأمر غير مطرد في كل حديث على نسق واحد، فتارة يسفر التفتيش عن ضعف جميع طرق الحديث (?) ، وأحيانا ينبلج عن سلامة ضبط الراوي لتجانس ما يرويه مع روايات الأئمة المتقنين (?) ، وفي أخرى يختلط هذا بهذا أي ما يعرف، وما ينكر. وإذا أضيف إلى هذا كثرة الطرق، والأوجه للحديث الواحد فاعلم أن الليل قد عسعس، والظلام قد حندس، وفي ذلك المضمار لن تجد سوى المتقدمين كأمثال ابن المديني، وأحمد، وابن معين، والبخاري، ومن استنهج سبيلهم، واستضاء بأقوالهم، وأحكامهم من المتقدمين، والمتأخرين.