سيعانون أتعابا ومشقة شديدة في التوفيق بين خدمة المصلحتين فأمرهم أن يتقوه في حدود ما يطيقون فقط، وخير الأمور الوسط فلا يفرط في ماله وولده ولا يفرط في علة وجوده وسبب نجاته وسعادته التي هي عبادة الله تعالى التي خلق من أجلها وعليها مدار نجاته من النار ودخوله الجنة دار الأبرار.

وقوله تعالى: {وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لأَنْفُسِكُمْ} . هذا أمره تعالى لعباده المؤمنين لما خفف عنهم أمر التقوى بقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ، أمر بالسمع والطاعة لله ولرسوله والإنفاق في سبيله تعالى، وأعلمهم أن ذلك خير لهم إذ بهذا تتم سعادتهم في الدارين.

وقوله تعالى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} أي ومن يحفظه الله تعالى من شح نفسه فقد أفلح بالفوز بالجنة والنجاة من النار، وفى هذا الخبر إشارة صريخة إلى أن وقاية النفس تتطلب من الله تعالى ثم بالإنفاق في سبيل الله تعالى فسؤال الله تعالى أن يقي العبد شح نفسه الذي فطرت عليه، ثم الإنفاق في سبيل الله بهما يحفظ العبد من شح النفس المهلك وبهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: " إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم " وكان عبد الرحمن ابن عوف رضى الله عنه إذا طاف بالبيت يدعو بقوله اللهم قني شح نفسي لا يزيد على ذلك؛ لأن شح النفس هو الذي يحمل على السرقة والزنى والكذب والخيانة وخلف الوعد وإضاعة الأمانة.

وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015