عليكم وحزب أحزابهم حيي بن أخطب النضرى اليهودي يريد الانتقام منكم؛ إذ أجليتموه عن المدينة وأخرجتموه منها فالتحقوا 1 بخيبر وتيماء.
وقوله تعالى: {إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ} هي جنود المتحزبين من المشركين من قريش وأسد وغطفان، وقوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا} . وذلك بعد حصار في سفح جبل سلع الجبل وراءهم والخندق أمامهم مدة خمسة وعشرين يوما؛ أرسل الله عليهم ريح الصبا ففعلت بهم العجب حيث أطفأت نيران وقودهم وطبخ طعامهم، وأكفأت قدور طعامهم واقتلعت خيامهم حتى اضطروا إلى الرحيل والهرب، وأرسل تعالى عليهم جنود من الملائكة فأصابتهم بالفزع والرعب الأمر الذي أفقدهم كل رشدهم وصوابهم فرجعوا يجرون أذيال الخيبة المريرة، والحمد لله. وقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً} أي بكل أعمالكم أيها المؤمنون. وذلك كحفر الخندق والمشادات والمناورات التي كانت بينكم وبين عدوكم، وما قاله المنافقون وفاهوا به من أسوأ الأقوال وأقبحها. كل ذلك لم يغيب عنه تعالى منه شئ، وسيجزى به المحسن والمسيء بالإساءة.
وقوله تعالى في الآية الثانية من آيات هذا النداء {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ} أي من الشرق وهم غطفان وأسد بقيادة عيينة بن حصن. قوله: {وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} ، وهم قريش وكنانة أي من الجنوب الغربي، وهذا تحديد لساحة المعركة وسبحان الله العليم الخبير وقوله تعالى: {وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ} أي مالت عن كل شئ فلم تبق تنظر إلا إلى القوات الغازية وذلك من شدة الخوف. وقوله تعالى: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} أي ارتفعت بارتفاع الرئتين فبلغت منتهى الحلقوم، وذلك من شدة الفزع والخوف قد يكون هذا من بعض المؤمنين لا من كلهم وهو كذلك وقوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} أي المختلفة من نصر وهزيمة وسلامة وعطب. وهذا منه تعالى تصوير للحال أبدع تصوير إذ حالهم كانت هكذا حرفيا فسبحان العليم الخبير.
وقوله تعالى في الآية الثالثة من هذا النداء {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} أي ثم اختبرهم ربهم عز وجل ليرى الثابت على إيمانه الذي لا تزعزعه الشدائد ولا تحيله الفتن ويرى المهزوز الإيمان، السريع الانهزام والتحول وذلك لضعف عقيدته وقلة عزمه