الآية (119) من سورة التوبة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} .
الشرح:
اذكر أيها القارئ ما قد سبق أن عرفته وهو أن المؤمنين أحياء، لذا يناديهم ربهم ليكلفهم لقدرتهم على السماع والقول والعمل والترك بخلاف الكافرين فهم يكفرهم أموات غير أحياء وما يشعرون، والدليل أنهم إذا دعوا إلى العمل أو الترك لا يجيبون، وإذا ذكروا لا يذكرون وإذا نودوا لا يسمعون بخلاف المؤمنين لكمال حياتهم فإنهم إذا ناداهم أجابوا، وإذا أمرهم فعلوا، وإن نهاهم تركوا وانتهوا. واعلم أيها القارئ والمستمع أن هذا النداء الإلهي يحمل أمرين عظيمين.
الأول: الأمر بتقوى الله عز وجل، وهى كما عرفت إن كنت تذكر طاعة الله تعالى وطاعة رسوله في كل ما أمرا به أو نهيا عنه، إذ الله تعالى لا يتقى عذابه ولا غضبه ولا عقابه بأية وقاية إلا بالطاعة له والتسليم لحكمه والرضا بقضائه وقدره.
والمؤمن العارف يسره أمر ربه تعالى له ولغيره بالتقوى لعلمه أن ولاية الله تعالى وهى أشرف هدف وأسمى غاية وأعز مطلب، لا تتحقق للمؤمن إلا بالتقوى؛ لأن التقوى تزكى النفس وذلك بفعل الأوامر وترك النواهي، فإذا زكت نفس العبد رضيه الله وليا وأحبه وتولاه. واعلم أيها القارئ أن التقوى لا تتحقق لطالبها إلا بالعلم بمحاب الله تعالى ومكارهه. وبكيفية أداء المحبوبات لتنتج له زكاة نفسه وطهارتها، لذا كان طلب العلم فريضة الله على كل مؤمن ومؤمنة في هذه الحياة.
والأمر الثاني: هو الكون مع الصادقين إذ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} أي لا تفارقونهم في أي حال من أحوالهم فلتكن نياتكم كنياتهم وأقوالكم كأقوالهم، وأعمالكم كأعمالهم، وآمالكم كآمالهم لتكونوا في الآخرة معهم. واسمعوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا، إذ قال: