الآية (29) من سورة الأنفال
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}
الشرح:
اعلم أيها لقارئ والمستمع أن هذا النداء الإلهي الكريم يحمل عطاء إلهيا ما فوقه عطاء وأن المحروم من حرمه، إنه وعد رباني والله لا يخلف الميعاد. وعد لمن اتقاه تقوى حقيقية وهى امتثال أوامره تعالى وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم واجتناب نواهيهما، وترك الشبهات مخافة الوقوع في المحرمات، وشحن القلب بالنية الصادقة الخالصة، وشغل الجوارح بالأعمال الصالحة والتحفظ من شوائب الشرك الخفي والجلى معا صاحب هذه التقوى هو الذي يجنى ثمارها وهى كما بلى:
1-الحصول على الفرقان. والفرقان هو نور يملأ قلبه أثمرته له تقواه لله. فصاحب هذا النور ينجو إذا هلك الناس، وينتصر إن انهزم الناس. ويميز بين الحق والباطل، والمعروف والمنكر، والخير والشر، والنافع والضار، والصالح والفاسد، إذا التبس هذا على غيره من فاقدي نور الفرقان الذي أثمرته تقوى الله عز وجل، ولك أن تعرف أيها القارئ أن لفظ الفرقان مشتق من الفرق بين الأشياء، فالمتقى تصفو نفسه بفعله للطاعات المزكية للنفس وبعده عن المعاصي المخبثة للنفس. تصفو نفسه صفاء تصبح كأنها تعيش في النور يغشاها من كل جوانبها. فهذا النور يحصل لصاحبه قوة الفرقان التي يميز بها بين الملتبسان والمشتبهات حتى يصبح قل ما يخطئ في نظرية يراها أو يقولها. وهذا عبد الله بن عمر رضى الله عنهما يقول: " ما قال أبى في شئ أظنه