دينا وبمحمد رسولا، أعوذ بالله من شر الفتن ". والروايات في هذه المسألة كثيرة _ وقوله تعالى: {لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ} أي تظهر لكم {تَسُؤْكُمْ} أي يحصل لكم بها ما يسؤ كم ويؤلمكم. منها على سبيل المثال أن من سأل عن أبيه فأجابه به الرسول صلى الله عليه وسلم بأن أباه فلان أرأيت لو سمى له أبا غير أبيه فإنه عار ومذلة له ولأمه وأسرته لا ينمحى حتى لم يبق منهم أحد. ومثل هذا سؤال الذين لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيها الناس إن الله قد كتب عليكم الحج فحجوا فقالوا أعاما واحدا أم كل عام يا رسول الله؟ فقال: لا، بل عاما واحدا، ولو قلت كل عام لوجبت ولو وجبت لكفرتم " فهذا معنى قوله تعالى: {إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} وقوله: {وَإِنْ تَسْأَلوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ} أي يبينها رسولنا لكم. أما إن تسألوا عنها قبل نزول القرآن بها فذلك لا ينبغي لكم فعله لأنه من باب إحفاء رسول الله وأذيته، وهما محرمان تحريما شديدا، وقوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْهَا} أي لم يؤاخذكم بما سألتم {وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} ، فتوبوا إليه يتب عليكم، واستغفروه يغفر لكم فإنه غفور حليم، وقوله تعالى في الآية الثانية: {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ} أي قد سأل مثل أسئلتكم التنطعية المحرجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قوم من قبلكم كاليهود وغيرهم فاصبحوا بها كافرين لأنهم كلفوا ما لم يطيقوه فشق عليهم جزاء تعنتهم في أسئلتهم المحرجة لأنبيائهم فتركوا العمل بها فكفروا وهلكوا والعياذ بالله ومن أمثلة الأسئلة المحرجة التي هلك فيها من هلك سؤال اليهود إذ قالوا: {أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون} وسؤال قوم صالح الناقة فأعطوها ثم عقروها فهلكوا، وسؤال الحواريين عيسى المائدة وقال الله تعالى: {قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ} .
ولذا فلنعلم أن الغلو والتنطع وكثرة السؤال مما لا ينبغي للمسلم أن يأتيه ويقوله أو يفعله وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه " إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شئ لم يحرم عن المسلمين فحرم من أجل مسألته ".
ويقول صلى الله عليه وسلم فداه أبى وأمي والعالم أجمع: " إن الله جرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعا وهات. وكره لكم ثلاثا: