عبادة محضة غير معقولة المعنى، والسبب الحقيقي أن زفر ومن معه يرون أن الصوم متعيّن بنفسه فلا يحتاج إلى نية.
والجمهور يردّون على زفر ومن معه بالنصوص الآمرة بالنية في العبادات عمومًا، وفي الصوم على وجه الخصوص، كقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنما الأعْمَالُ بِالنِّيات" (?) ، وقوله: "لا صِيَامَ لمَنْ لَمْ يُبيِّت الصيَام مِنَ الليْل" (?) .
ورد الشافعي حجّتهم في أنّ الصوم لا يحتاج إلى نيّة؛ لأنه متعيّن بصورته، إذ له وقت محصور محدود، بأنّ هذا يمكن أن يقع في الصلاة.
فوقت الصلاة قد يتضيّق حتى لا يسع إلا الفرض، ومع ذلك لا بدَّ للصلاة التي وقعت في الوقت المتضيّق من نية (?) .
وكذلك من نذر أن يصوم شهرًا من هذه السنة، ثم أخره حتى لم يبق إلا شهر واحد، ولا يجوز أن يصومه بغير نيّة بحجّة أن وقته أصبح محصورًا محدودًا.
أما قول زفر: إنَّ الصوم مأمور به في الآية مطلقًا عن شرط النية فمردود عليه؛ لأنَّ اسم الصوم المطلق ينصرف حين الأمر به إلى الصوم الشرعي، وهو: الإمساك عن المفطر مع اقتران النيّة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
هو شرط من شروط النية، والإتيان بالنية في أول العبادة شرط لا تصح العبادة بدونه.