"النيّة إنما تشترط للتعين، والحاجة إلى التعيين إنَّما تكون عند المزاحمة، ولا مزاحمة لأنَّ الوقت لا يحتمل إلا صومًا واحداً في حقّ المقيم، وهو صوم رمضان، فلا حاجة إلى تعيين بالنية" (1) .
واحتجّ له أيضاً بأنّ الآية الآمرة بالصيام (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) مطلقة عن شرط النية، والصوم هو الإمساك، وقد أتي به فيخرج عن العهد" (2) .
من هنا قصر زفر قوله في الصوم الذي لا يحتاج إلى نيّة على صوم رمضان من الحاضر المقيم، أما المسافر فلا بد أن يأتي بالنيّة إذا صام رمضان؛ لأنَّ صوم رمضان غير متعيّن في حقه، فله -عند زفر- أن يصومه نافلة أو قضاء، ولأنَّه لم يشهد الشهر.
أمَّا صوم النَّذر والكفّارة فيشترط لهما النيّة إجماعاً (?) .
ومن هنا نعلم أن ابن رشد (?) . لم يصب الحقيقة عندما قرر أن سبب الاختلاف في هذا الموضوع هو الاحتمال المتطرق إلى الصوم: أهو عبادة معقولة المعنى، أو غير معقولة المعنى؟ فهو يرى أن من ذهب إلى أنها غير معقولة المعنى أوجب النية، ومن رأى أنّها معقولة المعنى قال: قد حصل المعنى إذا صام ولم ينو (?) .
هذا الذي ذهب إليه ليس هو السبب كما بينا؛ إذ الجميع يرون أنّ الصيام